للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى يزيدُ بن هارُونَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن خالدِ بن كَثيرٍ الهَمْدانيِّ، عن الضَّحّاكِ بن مُزاحِم: أنَّ عليًّا أجَّلَ العِنِّين سَنةً (١).

وهذانِ الإسنادانِ إن لم يكونا مِثلَ إسنادِ هانئ وعُمارةَ، لم يكونا أضعَفَ، والأسانيدُ عن سائرِ الصحابةِ ثابتةٌ من قِبل الأئمَّة، وعليها العملُ وفتوَى فُقهاءِ الأمْصارِ مِثلَ مالكٍ، والشّافِعيِّ، وأبي حنيفةَ وأصحابه (٢)، والثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، وجَماعةِ فُقهاءِ الحِجازِ، والعِراقِ، إلّا طائفةً من المُتأخِّرينَ.

ذكَرَ عبدُ الرَّزّاق (٣)، عن مَعْمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن سَعيدِ بن المُسيِّبِ، قال: قَضى عُمرُ بن الخطّابِ في الذي لا يَسْتطيعُ النِّساءَ: أن يُؤَجَّل سَنةً. قال معمرٌ: يُؤَجَّلُ سَنةً من يوم تُرافِعُه، كذلك (٤) بَلَغَني.

قال أبو عُمر: على هذا جماعةُ القائلينَ بتأجيلٍ العِنِّينِ من يوم تُرافِعُه، بخِلافِ أَجَل المُؤْلي، وذلك واللّه أعلمُ، لأنَّ المُؤْليَ مُضارٌ قادِر على الفَيءِ ورفع الضَّرر، والعِنِّينُ غيرُ عالم بشكوى زَوْجتِهِ إيّاهُ حتَّى تَشْكُوَهُ، فجُعِلَ لهُ أجَلُ سَنةٍ، لما في السَّنةِ من اختِلافِ الزَّمَنِ، بالحرِّ والبردِ، ليُعالِجَ نَفسَهُ فيها، واللّه أعلمُ.

وأصْلُ المسألةِ اتِّباعُ السَّلفِ، وليسَ في حديثِنا في هذا البابِ ما يُوجِبُ للعِنِّينِ حُكمًا، فلذلكَ تَرَكنا اجتلاب (٥) أحكامِهِ.

وفيه من الفِقه: إباحَةُ إيقاع الطَّلاقِ البَتَات (٦) طلاقِ الثَّلاثِ ولُزُومُهُ؛ لأنَّ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٦٧٤٩). من طريق محمد بن إسحاق، به.
(٢) في ض، ظا، م: "وأصحابهم"، والمثبت من الأصل.
(٣) في المصنَّف (١٠٧٢٠).
(٤) في الأصل: "كذا"، والمثبت من ظا.
(٥) في م: "اختلاف"، والمثبت من الأصل، وهو مجوّد فيه.
(٦) في ظا، م: "البات"، والمثبت من الأصل، وهما بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>