للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يُنكِرْ على رِفاعةَ إيقاعَهُ لهُ، كما أنكَرَ على ابن عُمر طَلاقهُ في الحَيْض (١).

وظاهِرُ هذا الحديثِ من رِوايةِ مالكٍ ومن تابَعهُ، في قوله: إنَّ رِفاعةَ طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا، أنَّها كانت مُجتمِعاتٍ، فعلى هذا الظّاهِرِ جَرَى قولُنا.

وقد يحتمِلُ أن يكونَ طلاقُهُ ذلك آخِرَ ثلاثِ تَطْليقاتٍ، ولكنَّ الظّاهِر لا يخرجُ عنهُ إلّا ببيانٍ.

وقد نزَعَ بهذا الحديثِ من أباحَ وُقُوعَ الثَّلاثِ مُجتمِعاتٍ، وجعَلَ وُقُوعَها في الطُّهرِ سُنّةً لازمة (٢). وهذا موضِعُ اختِلافٍ بين الفُقهاءِ قد أوضَحْناهُ في بابِ عبدِ الله بن يزيدَ، وفي بابِ نافِع أيضًا، والحمدُ للّه.

وفي قولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لامرأةِ رِفاعةَ: "أتُريدينَ (٣) أن تَرْجِعي إلى رِفاعةَ؟ " دليلٌ على أنَّ إرادةَ المرأةِ الرُّجُوعَ إلى زَوْجِها، لا يَضُرُّ العاقِدَ عليها، وأنَّها ليست بذلك في معنى التَّحليل المُستحقِّ صاحِبُهُ اللَّعنةَ.

وقدِ (٤) اختلَف الفُقهاءُ في هذا المعنى، على ما نذكُرُهُ بعدُ إن شاءَ الله.

وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ المُطلَّقةَ ثلاثًا، لا يُحِلُّها لزَوْجِها المُطلِّقِ لها، إلّا طلاقُ زَوْج قد وطِئَها، وأنَّهُ إن لم يَطأْها، وطلَّقها، فلا تحِلُّ لزَوْجِها الأوَل (٥).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٨٩ (١٦٨٣).
(٢) قوله: "لازمة" لم يرد في الأصل.
(٣) في الأصل: "تريدين"، والمثبت من ظا.
(٤) هذه الفقرة لم ترد في ظا، وهي ثابتة في الأصل.
(٥) في م: "أي الأول"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>