للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المال، أكثرُ مِمّا اشْتُرِيَ به، كان ثمنُهُ نقدًا أو دينًا (١)، وذلكَ أنَّ مالَ العبدِ لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ (٢).

قال ابنُ القاسم: ويجُوزُ لمُبتاع العبدِ أن يَشْترِطَ مالهُ، وإن كان مجهُولًا، من عَيْنٍ أو عرضٍ، بما شاءَ من ثَمنٍ، نقدًا أو إلى أجل.

قال أبو عُمر: هذا ما لا أعلمُ فيه خِلافًا عن مالكٍ وأصحابِه: أنَّهُ يجُوزُ أن يُشْترَى العبدُ ومالُه بدراهِم إلى أجَل، وإن كان مالُهُ دراهِمَ ودنانيرَ، أو عُرُوضًا، وأنَّ مالهُ كلَّهُ تَبعٌ، كاللَّغوِ لا يُعتَبرُ فيه (٣) إذا اشْتُرطَ ما يُعتبرُ به في الصَّفقةِ المُفرَدةِ.

وكان الشّافِعيُّ يقولُ ببغدادَ نحوَ قولِ مالكٍ هذا، وذكَرَ الحسنُ بن محمدٍ الزَّعفرانيُّ، عن الشّافِعيِّ، في الكِتابِ البَغْداديِّ، أنَّهُ قال: اشتِراطُ مال العَبْدِ جائزٌ بالخبرِ عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: حُكمُهُ حُكمُ طُرُقِ الدّارِ ومسايلِ مائها، فيَجُوزُ البيعُ إذا كان إنَّما قُصِدَ به قَصْدُ البيع للعبدِ خاصَّةً، ويكونُ المالُ تَبعًا في المعنى، ليسَ معناهُ معنَى عَبْدينِ قُصِدَ قَصْدُهُما بالبيع. وهُو قولُ أبي ثورٍ أيضًا.

قال الشّافِعيُّ: فإن قيلَ: كيفَ يجُوزُ أن يملِكَ بالعَقْدِ، ما لو قصدَ قَصدَه على الانفِرادِ لم يجُز؟ فقد أجازُوا بيعَ الطُّرُقِ والمَسايل (٤) والآبارِ، وما سمَّينا مع الدّارِ، ولو قَصَدَ قَصْدَها على الانْفِرادِ لم يَجُزْ (٥). وقولُ عُثمان البتِّيِّ مِثلُ ذلكَ أيضًا، قال: إذا باعَ عبدًا، ولهُ مالٌ ألفُ دِرهم، فباعَهُ بألفِ دِرهم، فالبيعُ جائزٌ، إذا كانت رَغْبةُ المُبتاع في العَبْدِ، لا في الدَّراهِم التي لهُ (٦).


(١) زاد هنا في ض، م: "أو عرضًا".
(٢) تنظر المدونة ١/ ٣٠٧، ومختصر اختلاف العلماء ٣/ ٧٠ (١١٥٠).
(٣) هذا الحرف سقط من ض، م.
(٤) في م: "المسابل"، وهو تصحيف.
(٥) في م: "يجزه".
(٦) المغني لابن قدامة ٤/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>