للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بأسَ بدُخُول المُسلم على الذِّمِّيِّ في سَوْمِهِ، لأنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما خاطَبَ المُسلمين في أن لا يبيع بعضُهُم على بيع بعضٍ، وخاطَبَ المُسلم أن لا يبيع على بيع أخيهِ المُسلم، فليس الذِّمِّيُّ كذلك (١).

وقال سائرُ العُلماء: لا يجُوزُ ذلك، والحُجَّةُ لهم: أنَّهُ كما دخلَ الذِّمِّيُّ في النَّهي عن النَّجْشِ، وفي رِبح ما لم يُضمَنْ ونحوِهِ، كذلك يدخُلُ في هذا. وقد يُقالُ: هذا طريقُ المُسلمينَ، ولا يُمنَعُ ذلك أن يدخُلَ فيه ويسلُكهُ أهلُ الذِّمَّةِ.

وقد أجمعُوا على كَراهيةِ سوم الذِّمِّيِّ على الذِّمِّيِّ، فدلَّ على أنَّهُم مُرادُونَ، واللّه أعلمُ (٢).

وأمّا تلقِّي السِّلع (٣)، فإنَّ مالكًا قال (٤): أكَرهُ أن يَشْترِيَ أحدٌ من الجَلَبِ في نُواحي المِصْرِ حتَّى يُهبَطَ بها الأسواقَ. فقيلَ لهُ: فإن كان على سِتَّةِ أمْيال، فقال: لا بأسَ به (٥). ذكرهُ ابنُ القاسم عن مالكٍ.

وقال ابنُ وَهْب: سَمِعتُ مالكًا، وسُئلَ عن الرَّجُلِ يخرُجُ في الأضْحَى إلى مِثْلِ الإصْطَبل، وهُو نحوٌ من مِيل، يَشْتَرِي ضحايا، وهُو مَوْضِعٌ فيه الغَنَمُ، والنّاسُ يخرُجُونَ إليهم يَشْترُونَ منهُم هُناكَ. فقال مالك: لا يُعجِبُني ذلك، وقد نُهِيَ عن تَلقِّي السِّلع، فلا أرى أن يُشْتَرى شيءٌ منها، حتَّى يُهبَطَ بها إلى الأسواقِ. قال مالكٌ: والضَّحايا أفْضلُ ما احْتِيط فيه، لأنَّهُ نُسُكٌ يُتقرَّبُ به إلى الله تعالَى، فلا أرى ذلك.


(١) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٦١.
(٢) نفسه.
(٣) ينظر عن تلقي السلع: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٦٣ - ٦٤، والإشراف لابن المنذر ٦/ ٣٩.
(٤) ينظر هذا وما يأتي: البيان والتحصيل ٣/ ٣٣٨.
(٥) انظر: الاستذكار ٦/ ٥٢٤. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>