للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وسمِعتُهُ، وسُئلَ عن الذي يتَلقَّى السِّلعةَ فيَشْتريها، فتُوجَدُ معهُ، أتُرَى أن تُؤخَذ منهُ فتُباعَ للنّاسِ؟ فقال مالكٌ: أرَى أن يُنْهَى عن ذلك، فإن نُهِيَ عن ذلك، ثُمَّ وُجِدَ قد عادَ نُكِّل.

قال أبو عُمر: لم نَرَ في هذه الرِّوايةِ لأهلِ الأسْواقِ شيئًا في السِّلْعةِ المُتَلقّاةِ، وتحصيلُ المَذْهبِ عندَ أصحابِه: أنَّهُ لا يجُوزُ تَلقِّي السِّلَع والرُّكبانِ، ومن تَلقّاهُم منهُم سِلْعةً، شَرِكهُ فيها أهلُ سُوقِها إن شاؤُوا وكان فيها (١) واحِدًا منهُم، وسواءٌ كانتِ السِّلعةُ طعامًا، أو بزًّا، أو غيرهُ (٢).

وقد رَوَى ابنُ وَهْب أيضًا (٣)، عن مالك: أنَّهُ سُئلَ عن الرَّجُلِ يأتيهِ الطَّعامُ، والبَزُّ، والغَنَمُ، وغيرُ ذلك من السِّلع، فإذا كان مَسِيرةَ اليوم واليومينِ، جاءَهُ خبرُ ذلك وصِفتُهُ، فيُخبِرُ بذلكَ فيقولُ لهُ رجُلٌ: بِعْني ما جاءَكَ، أفتَرَى ذلك جائزًا؟ قال: لا أراهُ جائزًا، وأرَىَ هذا من التَّلقِّي. قيلَ (٤) لهُ: والبَزُّ من هذا؟ قال: نَعَم، البزُّ مِثلُ الطَّعام، ولا يَنْبغي أن يُعملَ في أمرٍ واحِدٍ بأمرينِ مُختلفينِ، وأكرهُ ذلك وأراهُ من تلقِّي السِّلَع.

وقال الشّافِعيُّ: يُكرَهُ تلقِّي سِلَع أهل الباديةِ، فمن تَلَقّاهُ (٥) فقد أساءَ، وصاحِبُ السِّلعةِ بالخيارِ إذ قدِمَ بها السُّوق في إنْفاذِ البيع أو رَدِّهِ، وذلكَ أنَّهُم يَتلقَّونهُم فيُخبِرُونهُم بانكِسارِ سِلْعتِهِم وكَسادِ سُوقِها، وهُم أهلُ غِرَّةٍ، فيَبيعُونهُم على ذلك، وهذا ضَرْبٌ من الخديعة (٦).


(١) هذه الكلمة سقطت من ظا، م، وهي ثابتة في "الاستذكار".
(٢) انظر: الاستذكار ٦/ ٥٢٥.
(٣) "أيضا" سقطت من م، وهي ثابتة في الأصل.
(٤) في ظا، م: "فقيل".
(٥) في ظا: "تلقاه".
(٦) نظر: الاستذكار ٦/ ٥٢٦، وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>