للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح. قالا جميعًا: حدَّثنا سُحنُونٌ، عن ابن وَهْب، قال: أخبرنا عَمرُو بن الحارِثِ، وغيرُهُ، عن المُنذِرِ بن عُبَيدٍ المدنيِّ (١) عن القاسم بن محمدٍ، عن ابن عُمرَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يبيعَ أحدٌ طعامًا اشْتَراهُ بكَيْل، حتَّى يَسْتوفيهُ (٢).

قال أبو عُمر: فقولُهُ: "بكَيْلٍ" دليلٌ على أنَّ ما خالَفهُ بخِلافِهِ، واللّه أعلمُ.

ولم يُفرِّق سائرُ الفُقهاءِ بين الطَّعام المبيع جُزافًا، والطَّعام المبيع كيلًا، أنَّهُ لا يجُوزُ لمُبتاعِهِ أن يبيعَ شيئًا منهُ قبلَ القبضِ، فقبضُ ما بيعَ كيلًا أو وزنًا، أن يُكالَ على مُبتاعِهِ أو يُوزنَ عليه، وقبضُ ما اشْتُرِيَ جُزافًا، أن ينقُلهُ مُبتاعُهُ، ويُحوِّلهُ من مَوْضِعِهِ، ويَبِينَ به إلى نفسِهِ، فيكونُ ذلك قبضًا لهُ، كسائرِ العُرُوضِ.

والمُصيبةُ عندَ جميعِهِم فيه إن هلك قبلَ القَبْضِ من بائعِهِ، ولا يجُوزُ بيعُهُ قبلَ قَبْضِهِ (٣).

ومِمَّن قال بهذا: سُفيانُ الثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ، والشّافِعيُّ ومَنِ اتَّبعهُ، وأحمدُ بنُ حَنْبل، وإسحاقُ، وداودُ بن عليٍّ، والطَّبريُّ، وأبو عُبيدٍ. ورُوي ذلكَ عن سعيدِ بن المُسيِّبِ، والحَكَم، وحمّادٍ، والحَسنِ البَصْريِّ.

وحُجَّةُ من ذهَبَ هذا المذهبَ، عُمُومُ نَهْي رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم


(١) في ض: "المزني"، والمثبت من الأصل وغيره، وانظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٥٠٦.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٤٩٥)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٢٨٦، وفي الكبرى ٦/ ٥٦ (٦١٥٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٨، والطبراني في الكبير ١٢/ ٢٧٥ (١٣٠٩٨)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣١٤. من طريق ابن وهب، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ١٣٩ (٥٩٠٠)، والطبراني في الكبير ١٢/ ٢٧٥ (١٣٠٩٧)، وفي الأوسط ٩/ ١١ (٨٩٧٠) من طريق القاسم، به.
وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٤٤٦ (٧٧٣٨)، والمسند المصنف المعلل ١٥/ ٢٨٨ (٧٣١٢).
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٩٦ (١١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>