للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ أيضًا: ما كان القومُ عليه من البِدارِ إلى الطاعة، والانتهاءِ عمّا نُهوا عنه.

وفيه حُجَّةٌ لمَن قال: إنَّ الخمرَ لا تُخَلَّلُ؛ لأنّه لو جاز تَخليلُها والانتِفاعُ بها، لكان في إراقَتِها إضاعَةُ المال، وقد نُهيَ عن إضاعَةِ المال (١)، ولا يقولُ أحَدٌ فيمَن أراقَ خمرًا لمسلم: إنّه أتْلَف له مالًا. وقد أراقَ عثمانُ بنُ أبي العاص خمرًا ليتيم، وأُرِيقَتْ بينَ يَدَيْ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢). ومن حديثِ أنس، أنَّ أبا طَلْحَةَ سألَ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أيتام وَرِثوا خمرًا، يَجعَلُه خَلًّا؟ فكَرِهه (٣).

وروَى مجالدُ بنُ سعيد، عن أبي الودَّاكِ جبرِ بنِ نَوف، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، قال: كان عندي خمر لأيتام، فلمّا نزَل تحريمُ الخمرِ أمرَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نُهَريقَها (٤).

وروَى سفيانُ الثوريُّ، عن السُّدِّيِّ، عن أبي هُبَيرَة (٥)، واسمُه يحيى بنُ عَبّاد،


(١) كما سيأتي تفصيل ذلك في الحديث العاشر لسهيل بن أبي صالح، عن أبيه ذكوان السمّان المرسل، وهو في الموطّأ ٢/ ٥٨٩ (٢٨٣٣).
(٢) المرويُّ في هذا عن عثمان بن أبي العاص أنه دفع مالًا لمولًى له أو لرجلٍ يعمل له به، فخرج فاشترى به خمرًا، ثم قدم فأربح مالًا كثيرًا، فأمره أن يَصبَّه في دجلة".
أخرجه أبو عبيد في الأموال (٢٨٣)، وعنه ابن زنجوية في الأموال (٤٣٣) كلاهما عن هشيم بن بشير الواسطي، عن منصور بن المعتمر، عن الحسن البصري، عن عثمان بن أبي العاص، فذكره. وهو عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٣٩٢ بإثر (٣٤٤١). وسيأتي بهذا السياق في أثناء شرح الحديث الخامس عشر لزيد بن أسلم.
(٣) ينظر ما بعده.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ١٧/ ٣٠٠ (١١٢٠٥)، والترمذي (١٢٦٣)، وأبو يعلى في مسنده ٢/ ٤٦٠ (١٢٧٧)، وابن الجارود في المنتقى (٨٥٣)، وإسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد.
(٥) في ف ١: "هنيدة"، وهو تحريف، وينظر: تهذيب الكمال ٣١/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>