للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يختلِفْ قولُ الشّافِعيِّ: أنَّ المُعتِقَ لِحِصَّتِهِ من عبدٍ بينهُ وبين غيرِهِ، وهُو مُعسِرٌ في حينِ تكلَّمَ بالعِتقِ، أنَّهُ لا شيءَ عليه من سِعايةٍ ولا غيرِها، وأنَّهُ لا يعتِقُ من العبدِ غيرَ تلكَ الحِصَّة (١). وهُو قولُ مالكٍ في عِتْقِ المُعْسِرِ، وقولُ أحمد بن حَنْبل، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرِ، وأبي عُبَيدٍ وداود، والطَّبريِّ.

وقال مالكٌ: إن ماتَ المُعتِقُ المُوسرُ قبلَ أن يُحكَمَ عليه بعِتقِ الباقي، لم يُحكَم على وَرَثتِهِ بعِتقِ ذلك.

وقال الشّافِعيُّ (٢): يُحكَمُ بعِتْقِهِ إذا ماتَ، ولو أتَى على ترِكتِهِ، إلّا أن يعتِقَ في المَرَضِ، فيقوَّمُ في الثُّلُثِ.

وقال سُفيانُ: إن كان للمُعتِق حِصَّتهُ من العَبدِ مالٌ، ضمِنَ نصيبَ شَريكِهِ، ولم يرجِعْ به على العَبدِ، ولا سِعايةَ على العبدِ، وكان الوَلاءُ لهُ، وإن لم يكُن لهُ مالٌ فلا ضمانَ عليه، وسَواءٌ نقصَ من نصيبِ الآخرِ أو لم ينقُصْ، ويَسْعَى العبدُ في نِصفِ قيمَتِهِ حِينَئذٍ (٣). وكذلكَ قال أبو يوسُف، ومحمدُ بن الحسنِ.

وفي قولِهِم يكونُ العبدُ كلُّهُ حُرًّا ساعةَ أعتَقَ الشَّريكُ نصيبَهُ، فإن كان مُوسِرًا ضمِنَ لشريكِهِ قيمَةَ نِصفِ عبدِهِ، وإن كان مُعسِرًا، سَعَى العبدُ في ذلك الذي لم يعتِقْ، ولا يرجِعُ على أحَدٍ بشيءٍ، والولاءُ كلُّهُ للمُعتقِ، وهُو بمَنْزِلةِ الحُرِّ في جميع أحكامِهِ، ما دامَ في سِعايتِهِ، من يوم أُعتِقَ، يرِثُ ويُورَثُ.

وعنِ ابن شُبرُمةَ وابنِ أبي ليلى (٤) مِثلُهُ، إلّا أنَّهُما جَعَلا للعبدِ أن يرجِعَ على المُعتِقِ بما سَعَى فيه مَتَى أيسَرَ.


(١) الأم ٧/ ١٤٢، وهو في الاستذكار ٧/ ٣١٣.
(٢) مختصر اختلاف العلماء ٥/ ١٦.
(٣) انظر: الاستذكار ٧/ ٣١٤. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٤) انظر: المغني لابن قدامة ١٠/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>