للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءَ عن ابن عبّاسٍ: أَنَّهُ جعَلَ المُعتَقَ بعضُهُ، حُرًّا في جميع أحكامِه (١).

وقال أبو حنيفةَ (٢): إذا كان العبدُ بين اثْنَينِ، فأعتَقَ أحدهُما نصيبهُ وهُو مُوسِرٌ، فإنَّ الشَّريكَ بالخيارِ، إن شاءَ أعتَقَ نصيبهُ، كما أعتَقَ صاحِبَهُ، وكان الولاءُ بينهُما، وإن شاءَ اسْتَسْعَى في نِصفِ قيمتِهِ، ويكونُ الولاءُ بينهُما، وإن شاءَ ضمَّنَ شَرِيكَه نِصفَ قِيمتِهِ، ويرجِعُ الشَّريكُ بما ضُمِّنَ من ذلكَ على العبدِ، يَسْتسعيهِ فيه إن شاءَ، ويكونُ الولاءُ كلُّهُ للشَّريكِ وهُو عبدٌ ما بَقِي عليه من السِّعايةِ شيءٌ، وإن كان المُعتِقُ مُعسِرًا، فالشَّريكُ الآخَرُ بالخيارِ، إن شاءَ ضمَّنَ العبدُ نِصفَ قيمتِهِ يُسْعَى (٣) فيها، الولاءُ بينهُما، وإن شاءَ أعْتَقهُ كما أعتَقَ صاحِبَهُ، والولاءُ بينهُما.

وقال أبو حنيفةَ: العبدُ المُسْتَسعى ما دامَ عليه سِعايةٌ، بمَنزِلةِ المُكاتبِ في جميع أحكامِهِ، فإن ماتَ أُدِّي من مالِهِ لسِعايتِهِ، والباقي لوَرثتِه (٤).

وقد ذكَرْنا الاختِلافَ في هذه المسألةِ في المُكاتَبِ، في بابِ هشام بن عُرْوةَ، في قِصَّةِ بَرِيرةَ.

قال زُفَرُ: يعتِقُ العبدُ كلُّهُ، على المُعتِق حِصتهُ، ويُتبعُ بقيمةِ (٥) حِصَّةِ شَرِيكِهِ، مُوسِرًا كان أو مُعسِرًا (٦). وقد رُوي عن زُفَر مِثلُ قول أبي يوسُفَ.

قال أبو عُمر: لم يقُل زُفرُ بحديثِ ابن عُمرَ، ولا بحديثِ أبي هُريرةَ في هذا البابِ، وكذلكَ أبو حَنِيفةَ لم يقُل بواحدٍ من الحَدِيثينِ على وجهِهِ، وكلُّ قولٍ خالَفَ السُّنَّةَ فمردُودٌ، واللّه المُستعانُ.


(١) الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني ٤/ ٢٣٨.
(٢) المبسوط للسرخسي ٧/ ١١٠.
(٣) في ظا: "ويسعى".
(٤) المبسوط للسرخسي ٧/ ١١٠.
(٥) في الأصل: "بقيمته".
(٦) انظر: الاستذكار ٧/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>