للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيلِ في هذه المسألةِ أقوالٌ غيرُ ما قُلنا شاذَّةٌ، ليسَ عليها أحَدٌ من فُقهاءِ الأمْصارِ أهل الفُتيا اليومَ، منها: قولُ ربيعةَ بن أبي (١) عبدِ الرَّحمنِ، قال: فمَنْ أعتَقَ حِصَّةً لهُ من عبدٍ، أنَّ العِتقَ باطِلٌ، مُوسِرًا كان المُعتِقُ أو مُعسِرًا (٢).

وهذا تجريدٌ لردِّ الحديثِ أيضًا، وما أظُنُّهُ عرفَ الحديث؛ لأَنَّهُ لا يليقُ بمثلهِ ذلك.

وقد ذكر محمدُ بن سيرين، عن بعضِهِم: أنَّهُ جعلَ قِيمةَ حِصَّةِ الشَّريكِ في بيتِ المالِ. وهذا أيضًا خِلافُ السُّنَّة (٣).

وعنِ الشَّعبيِّ، وإبراهيم، أنَّهُما قالا: الولاءُ للمُعتَقِ ضمِنَ أو لم يَضْمن، وهذا أيضًا خِلافُ قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمنْ أعْطَى الثَّمنَ" (٤).

فهذا حُكمُ من أعتقَ حِصَّةً لهُ من عَبْدٍ بينهُ وبين غيرِهِ.

وأمّا من أعتق حِصَّةً من عَبدِهِ، الذي لا شرِكَةَ فيه لأحَدٍ مَعهُ، فإنَّ عامَّةَ العُلماءِ بالحِجازِ والعِراقِ يقولُونَ: يعتِقُ عليه كلُّهُ، ولا سِعايةَ عليه. إلّا أنَّ مالكًا قال: إن ماتَ قبلَ أن يُحكَم عليه، لم يُحكم عليه.

وقال أبو حنيفةَ: يعتِقُ منهُ ذلكَ النَّصيبُ، ويسعَى لمولاهُ في بَقِيَّةِ قيمتِهِ، مُوسِرًا كان أو مُعسِرًا. وخالفهُ أصحابُهُ، فلم يروا في ذلك سِعايةً، وهُو الصَّوابُ، وعليه النّاسُ.


(١) هذا الحرف سقط من م.
(٢) انظر: الاستذكار ٧/ ٣١٥ - ٣١٦، وذكره الماوردي في الحاوي الكبير ١٨/ ٥، وابن رشد في بداية المجتهد ٤/ ١٥١.
(٣) ذكره ابن رشد في بداية المجتهد ٤/ ١٥١.
(٤) أخرجه أحمد ٤٢/ ٢٢٦، ٣٤٥ (٢٥٣٦٦، ٢٥٥٣٣)، والبخاري (٢٥٣٦، ٦٧٥٨)، وأبو داود (٢٩١٦)، والترمذي (١٢٥٦)، والنسائي في المجتبى ٦/ ١٦٢، و ٧/ ٣٠٠، وفي الكبرى ٥/ ٢٧١، و ٦/ ٧١ (٥٦١٣، ٦١٩٣)، وابن حبان ١٠/ ٩١ - ٩٢ (٤٢٧١) من حديث عائشة.
وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ١٠ - ١٢ (١٦٧٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>