للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدَ موتِهِ، لَزِمهُم ذلك، ولم يكُن لهم أن يَرْجِعُوا في شيءٍ منهُ، قُبِضَ أو لم يُقْبَض، وأنَّ هذا لا يُحتاجُ فيه إلى قَبْضٍ عندَ جميعِهِم.

فهذه أُصُولُ مَسائلِ الوَصايا، وأمّا الفُرُوعُ، فتتَّسِعُ جِدًّا، والحمدُ للّه على كلِّ حال.

وأمّا قولُهُ عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} الآيةَ [البقرة: ١٨١]، فمعناهُ عندَ جماعةِ العُلماءِ: تبديلُ ما أوْصَى به المُتوفَّى، إذا كان ذلك مِمّا يجُوزُ إمضاؤُهُ، فإن أوصَى بما لا يجُوزُ، مِثلَ أن يُوصيَ بخَمْرٍ، أو خِنْزيرٍ، أو بشيءٍ من المعاصي، فهذا يجُوزُ تبديلُهُ، ولا يجُوزُ إمضاؤُهُ، كما لا يجُوزُ إمضاءُ ما زادَ على الثُّلثِ، أو لوارِث.

حدَّثنا أحمدُ بن سعيدِ بن بِشر (١)، قال: حدَّثنا محمدُ بن أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا يعقُوبُ بن كَعْبٍ، قال: حدَّثنا الوليدُ بن مُسلِم، عن ابن (٢) ثوبان، عن أبيهِ، عن مَكْحُولٍ، قال: كان في وَصِيَّةِ أبي الدَّرداءِ: بسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم، هذا ما أوْصَى به أبو الدَّرداءِ: أَنَّهُ يَشْهدُ أن لا إله إلّا الله، وَحدهُ لا شريكَ لهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، وأنَّ الجنَّةَ حقٌّ، وأنَّ النّارَ حقٌّ، وأنَّ الله يبعثُ من في القُبُورِ، وأَنَّهُ يُؤمِنُ باللّه، وَيكفُرُ بالطّاغُوتِ، على ذلكَ يحيا ويمُوتُ إن شاءَ الله، وأوْصَى فيما رَزَقهُ الله بكذا وكذا، وأنَّ هذه وَصيَّتُهُ، إن لم يُغيِّرها قبلَ الموت (٣).

أخبرنا عبدُ الله بن محمد (٤)، قال: حدَّثنا أحمدُ بن جَعْفرِ بن حمدانَ، قال:


(١) في الأصل: "بشير"، محرف، وهو أحمد بن سعيد بن بشر، أبو العباس بن الحصار القرطبي. انظر: تاريخ الإسلام ٨/ ٧١٠.
(٢) "ابن" سقط من الأصل. وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسى، أبو عبد الله الدمشقي.
انظر: تهذيب الكمال ١٢/ ١٧.
(٣) أخرجه الدارمي (٣١٨٥) من طريق الوليد بن مسلم، به.
(٤) في الأصل، م: "بن أحمد"، محرف، وهو إسناد دائر، وهو عبد الله بن محمد بن يوسف الأسدي المُقرِّي (بطن من عبد القيس)، أبو محمد، من أهل قرطبة. انظر: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ١/ ٣٠٥، والإكمال لابن ماكولا ٧/ ١٤٣، وترتيب المدارك ٦/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>