للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا عبدُ الله بن أحمد بن حَنْبل، قال: حدَّثنا أبي، قال (١): حدَّثنا هُشَيمٌ، عن مُجالِدٍ، عن الشَّعبيِّ، قال: كتبَ عُمرُ في وَصيَّتِه: ألّا يُقرُّ لي عامِلٌ أكثرَ من سنةٍ، إلّا الأشْعَريَّ، يعني أبا موسى، فأقِرُّوهُ أربعَ سِنينَ.

قال أبو عُمر: لا يختلِفُ العُلماءُ أنَّ للإنسانِ أن يُغيِّر وَصِيَّتهُ ويرجِعَ فيما شاءَ منها، إلّا أنَّهُمُ اختَلفُوا من ذلك في المُدبَّرِ، فقال مالكٌ رحِمهُ الله: الأمرُ المُجتَمَعُ عليه عندَنا أنَّ للإنسانِ أن يُغيِّر من وصيَّتِهِ ما شاءَ، من عَتاقةٍ، وغيرِها، إلّا التَّدبير، ولهُ أن ينقُض وصيَّتهُ كلَّها، ويُبدِّلها بغيرِها، ويصنع من ذلك ما شاءَ إلّا التَّدبير، فإنَّهُ لا يتصرَفُ فيه (٢).

قال أبو الفَرَج: المُدبَّرُ في العَتاقةِ، كالمُعتقِ إلى شَهْرٍ، لأنَّهُ أجلٌ آتٍ لا محالةَ.

وقد أجمعُوا أَنَّهُ لا يرجعُ في اليَمينِ بالعِتْقِ، والعِتقُ إلى أجَلٍ، فكذلك المُدبَّرُ.

وقال الثَّوريُّ، وسائرُ الكُوفيِّين: إذا قال الرَّجُل: إن مُتُّ، ففُلانٌ حُرٌّ، فليسَ لهُ أن يرجِعَ، وإن قال: إن مُتُّ من مَرَضي هذا، ففُلانٌ حُرٌّ: فإن شاءَ أن يبيعهُ باعَهُ، فإن لم يبِعهُ فماتَ، عتَقَ، فإن صحَّ، فلاشيءَ لهُ.

قال أبو عُمر: وإن قال الرَّجُلُ لعَبدِهِ: فُلانٌ حُرٌّ بعدَ موتي. وأرادَ الوصيَّةَ، فلهُ الرُّجُوعُ عندَ مالكٍ في ذلك، وإن قال: فُلانٌ مُدبَّرٌ بعد موتي: لم يكُن لهُ الرُّجُوعُ فيه، وإن أرادَ التَّدبير بقولِهِ الأوَّلِ: لم يرجِع أيضًا عندَ أكثرِ أصحابِ مالك (٣).

واختلَفَ ابنُ القاسم وأشْهَبُ فيمَنْ قال: عبدي حُرٌّ بعدَ موتي، ولم يُرِدِ الوصيَّةَ ولا التَّدبير، فقال ابنُ القاسم: هُو وصيَّةٌ، وقال أشهبُ: هُو مُدبَّرٌ إن لم يُرِدِ الوصيَّةَ (٤).


(١) أخرجه في المسند ٣٢/ ٢٣٨ (١٩٤٩٠). وهذا إسناد ضعيف، لضعف مجالد، وهو ابن سعيد.
(٢) انظر: المدونة ٤/ ٣٥٠.
(٣) انظر: المدونة ٢/ ٥١١.
(٤) انظر: المدونة ٢/ ٥١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>