للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزمُهُ من ذلكَ واحدٌ منهُم؛ لأنَّهُ الذي تَلْزمُهُ نفقتُهُ. وهذا قولُهُ في "المُوطَّأ" (١) سواءٌ، فقد نصَّ في الأجيرِ: أنَّهُ لا تلزمُ عليه صَدَقةُ الفِطْرِ.

وذكَرَ ابنُ وَهْب، عن اللَّيثِ، أنَّهُ أخبَرهُ عن يحيى بن سَعيدٍ، سَمِعهُ يقولُ: يُؤَدِّي الرَّجُلُ عن أهلِهِ ورقيقِهِ، ولا يُؤَدِّي عن الأجيرِ، ولكِنَّ الأجيرَ المُسلِمَ يُؤَدِّي عن نَفسِه (٢).

قال: وأخبرني يونُسُ، عن ربيعةَ، أنَّهُ قال في زَكاةِ الفِطْرِ: أنا أُخرِجُها عن نَفْسي، وعن ولدي، وخادِمي، ولا أُخرِجُها عَمَّن يتبَعُني وإن كان مَعِي.

وقال اللَّيثُ: إذا كانت إجارَةُ الأجيرِ معلُومةً، فليسَ عليه أن يُؤَدِّيَ عنهُ، وإن كانت يَدَهُ مع يديهِ، أدَّى عنهُ.

واختَلفُوا في العبدِ الكافِرِ، والغائبِ المُسلِم، فقال مالكٌ، والشّافِعيُّ، وأحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثَوْرٍ: ليسَ على أحَدٍ أن يُؤَدِّيَ عن عَبدِهِ الكافِرِ صَدَقةَ الفِطْرِ، وإنَّما هي على من صامَ وصلَّى (٣). وهُو قولُ سَعيدِ بن المُسيِّبِ، والحَسن (٤).

وحُجَّتُهُم، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ ابن عُمرَ هذا: "من المُسلِمينَ"، فدلَّ على أنَّ الكافرَ (٥) بخِلافِ ذلك.

وقال الثَّوريُّ، وسائرُ الكُوفيِّينَ: عليه أن يُؤَدِّيَ زَكاةَ الفِطْرِ عن عَبدِهِ الكافِرِ (٦).

وهُو قولُ عَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسَعيدِ بن جُبيرٍ، وعُمرَ بن عبدِ العزيزِ، والنَّخَعيِّ. ورُوِيَ ذلك عن أبي هُريرةَ، وابنِ عُمرَ (٧).


(١) الموطأ ١/ ٣٨٤ (٧٨٠).
(٢) انظر: الاستذكار ٣/ ٢٦٣. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٣٥٩.
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٨٠٩).
(٥) في م: "الكفر"، والمثبت من الأصل وغيره.
(٦) المبسوط للسرخسي ٨/ ١٤٤.
(٧) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٨١٠، ٥٨١١، ٥٨١٣)، وابن زنجوية في الأموال (٢٤٢٣، ٢٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>