للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُويَ عن رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: أنَّهُ فرَّقَ بين المُتلاعِنَيْنِ. قالوا: فدَلَّ على أنَّهُ الفاعِلُ للفُرْقةِ. قالوا: وهي فُرْقةٌ تَفْتقِرُ إلى حُضُورِ الحاكِم، فوجبَ أن تَفْتَقِرَ (١) إلى تَفْريقِهِ، قياسًا على فُرْقةِ العِنِّين (٢).

ومن حُجَّةِ مالكٍ، ومن قال بقولِهِ: أنَّ التَّفاسُخَ في التَّبايُع لمّا وقَعَ بتمام التَّحالُفِ، فكذلكَ اللِّعانُ.

وأمّا الشّافِعيُّ (٣)، فإنَّ الفُرقةَ تقعُ عندَهُ بالْتِعانِ الزَّوج وحدَهُ؛ لأنَّهُ لمّا دفعَ لِعانُهُ الولدَ والحدَّ، وجبَ أن يدفعَ الفِراشَ، لأنَّ لِعانَ المرأةِ لا مدخَلَ لهُ في ذلك، وإنَّما هُو لنَفْيِ الحدِّ عنها لا غيرُ.

وذهَبَ عُثمانُ البتِّيُّ: أنَّ الفُرْقةَ تَقَعُ بالطَّلاقِ بعدَ اللِّعانِ؛ لأنَّ العَجْلانيَّ طلَّقها ثلاثًا بعد اللِّعانِ (٤).

وقد مَضَى القولُ أيضًا في حُكْم فُرْقةِ المُتلاعِنَيْنِ، وهل يحتاجُ الحاكِمُ إلى أن يُفرِّقَ بينهُما بعدَ اللِّعانِ أم لا؟ وما في ذلكَ للعُلماءِ من التَّنازُع، ووجهُ الصَّوابِ فيه عندَنا، عندَ ذِكْرِ حديثِ ابن شِهاب، عن سَهْلِ بن سعدٍ، في كِتابِنا هذا، وذكَرْنا (٥) هُناك أيضًا أحكامًا صالحةً من أحْكام اللِّعانِ، لا معنَى لإعادتِها ها هُنا، ونَذكُرُ ها هُنا حُكم الحَمْل والولَدِ، وما ضارَعَ ذلك بعونِ الله لا شريكَ لهُ.

فأمّا قولُهُ في حَديثِنا هذا: وانْتَفَى من ولَدِها، فإنَّهُ يحتمِلُ أن يكونَ انتَفَى منهُ وهُو حَمْلٌ ظاهِرٌ، ويحتمِلُ أن يكون انتَفَى منهُ بعدَ أن وُلِدَ (٦).


(١) في م: "يفتقر".
(٢) انظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٩١.
(٣) الحاوي الكبير ١١/ ٧٤.
(٤) مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٥٠٦.
(٥) في م: "ذكرنا".
(٦) في الأصل، م: "ولده".

<<  <  ج: ص:  >  >>