للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الثَّوبُ المصبُوغُ بالوَرْسِ والزَّعفرانِ، فلا خِلافَ بين العُلماءِ أنَّ لِباسَ ذلك لا يجُوزُ للمُحرِم، على ما جاءَ في حديثِ ابن عُمرَ هذا، فإن غسَلَ ذلك الثَّوب حتّى يذهَبَ ريحُ الزَّعفَرانِ منهُ، وخرج عنهُ، فلا بأسَ به عندَ جميعِهِم أيضًا.

وكان مالكٌ فيما ذَكَر ابنُ القاسم عنهُ: يَكْرهُ الثَّوبَ الغَسِيلَ من الزَّعفَرانِ والوَرْسِ إذا بَقِيَ فيه من لونِهِ شيءٌ. وقال: لا يَلْبسُهُ المُحرِمُ، وإن غَسَلهُ إذا بَقِيَ فيه شيءٌ من لَوْنِهِ، إلّا أن لا يجِدَ غيرَهُ، فإن لم يَجِد غيرَهُ، صَبَغهُ بالمِشْقِ (١) وأحرَمَ فيه (٢).

وقد رَوَى يحيى بن عبدِ الحَميدِ، عن أبي مُعاويةَ، عن عُبيدِ الله، عن نافع، عن ابن عُمرَ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديثَ، فقال فيه: "ولا تَلْبسُوا ثوبًا مَسَّهُ وَرْسٌ، أو زعفَرانٌ، إلّا أن يكونَ غَسِيلًا" (٣).

وقال الطَّحاويُّ (٤) عن ابن أبي عِمران: رأيتُ يحيى بنَ مَعينٍ وهُو يتعجَّبُ من الحِمّانيِّ كيف يُحدِّثُ بهذا الحديثِ، فقال لهُ عبدُ الرَّحمن بن مهديٍّ: هذا عِندي، ثُمَّ وثبَ في فورِهِ، فجاءَ بأصلِهِ، فأخرجَ منهُ هذا الحديث، عن أبي مُعاويةَ، كما قال الحِمّانيُّ.

والوَرْسُ: نباتٌ يكونُ باليمَنِ كَشِبْهِ العُصْفُرَ صِبْغُهُ ما بينَ الصُّفرةِ والحُمْرةِ، ورائحتُهُ طيِّبةٌ.


(١) المشق: بفتح الميم وكسرها، هي المغرة التي يصبغ بها الأحمر. والمغرة: الطين الأحمر. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض ١/ ٣٨٨.
(٢) انظر: المدونة ١/ ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٣) أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده، كما ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح ٣/ ٤٠٤، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٣٧.
(٤) أخرجه في شرح معاني الآثار ٢/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>