للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلُّوا على أنَّهُ لم يُرِدْ بقولِه: "والكلبُ العَقُورُ" جُملةَ السِّباع؟ لأنَّهُ أباحَ أكلَ الضَّبُع، وجَعلَها من الصَّيدِ، وجعلَ فيها على المُحرِم إن قَتَلها كبشًا (١)، وهي سَبُع.

وأمّا القَمْلةُ، وما كان مِثلَها مِمّا يخرُجُ من الجَسَدِ، فليسَ من بابِ الصَّيدِ، وإنَّما ذلكَ من بابِ التَّفَثِ وحِلاقِ الشَّعرِ.

وأمّا الشّافِعيُّ رحِمهُ الله، فقال: كلُّ ما لا يُؤكَلُ لحمُهُ، فللمُحرِم أن يقتُلَهُ. قال: وللمُحرِم أن يقتُلَ الحيَّةَ، والعقربَ، والفأرةَ، والحِدَأةَ، والغُرابَ، والكلبَ العقُورَ، وما أشبَهَ الكلبَ العقُورَ، مِثلَ السَّبُع، والنَّمِرِ، والفهدِ، والذِّئبِ. قال: وصِغارُ ذلكَ كلِّهِ (٢) وكِبارُهُ سَواءٌ.

قال: وليسَ في الرَّخَمَة (٣)، والخَنافِسِ، والقِرْدانِ، والحَلَم، وما لا (٤) يُؤكَلُ لحمُهُ جَزاءٌ؛ لأنَّ هذا ليس من الصَّيدِ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: م {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] فدلَّ على (٥) أنَّ الصَّيدَ الذي حُرِّمَ عليهم، ما كان لهم قبلَ الإحرام حلالًا، لأنَّهُ لا يُشبِهُ أن يُحرَّمَ في الإحرام خاصَّةً، إلّا ما كان مُباحًا قبلَه (٦). قال: وما أمَرَ رسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- بقَتلِهِ، فلا يجُوزُ أكلُهُ، لأنَّ ما عَمِلَتْ فيه (٧) الذَّكاةُ بالاصْطِيادِ، أوِ الذَّبح، لم يُؤمَر بقتلِهِ.


(١) سلف بإسناده من حديث جابر بن عبد الله، في شرح الحديث الأول لإسماعيل بن أبي حكيم، وهو في الموطأ ١/ ٦٤١ (١٤٣٤).
(٢) لفظ التوكيد هذا لم يرد في د ٤.
(٣) الرخمة، واحدة الرخم: هو طائر غزير الريش، أبيض اللون، مبقع بسواد، له منقار طويل، قليل التقوس، رمادي اللون إلى الحمرة، وأكثر من نصفه مغطى بجلد رقيق، وفتحة الأنف مستطيلة عارية من الريش، وله جناح طويل مذبب، يبلغ طوله نحو نصف متر، والذنب طويل، والقدم ضعيفة، والمخالب متوسطة الطول، سوداء اللون. انظر: المعجم الوسيط، ص ٣٣٦.
(٤) هذا الحرف سقط من م.
(٥) هذا الحرف سقط من الأصل، ف ٣، م، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٦) في م: "قتله".
(٧) "فيه" لم ترد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>