للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقَمْلةُ ليست صيدًا، ولا مأكُولةً، فلا تُفدَى بشيءٍ، إلّا أن يطرحَها المُحرِمُ عن نفسِهِ، فتكونَ كإماطَةِ الأذى من الشَّعرِ والظُّفرِ.

وقولُ أبي ثورٍ في هذا البابِ كلِّهِ، مِثلُ قولِ الشّافِعيِّ سواءً.

وقال عطاءٌ في الجُرذِ الوَحْشيِّ: ليسَ بصيدٍ فأقتُلَهُ (١).

فهذه أقاويلُ أئمَّةِ الفتوَى في أمصارِ المُسلِمين.

وقد جاءَ عن التّابِعينَ في هذا البابِ أقاويلُ شاذَّةٌ تُخالِفُها السُّنّة، أو يُخالِفُ بعضُها دليلًا أو نصًّا.

فمن ذلك: أنَّ إبراهيمَ النَّخَعيَّ كرِهَ للمُحرِم قتلَ الفأرة (٢). وقد ثبتَ عن النَّبيِّ -صلي الله عليه وسلم- أنَّهُ أباحَ للمُحرِم قتلَها، وعليه جماعةُ الفقهاء (٣).

وقال الحَكَمُ بن عُتَيبةَ، وحمّادُ بن أبي سُليمانَ: لا يَقتُلُ المُحرِمُ الحيَّةَ، ولا العقربَ. رواهُ شُعبةُ عنْهُما (٤).

ومن حُجَّتِهِما: أنَّ هذينِ (٥) من هوامِّ الأرضِ، فمن قال: بقَتْلِهِما، لزِمهُ مِثلُ ذلك، في سائرِ هوامِّ الأرضِ.

وهذا أيضًا لا وجهَ لهُ، ولا معنى؛ لأنَّ رسُولَ الله -صلي الله عليه وسلم- قد أباحَ للمُحرِم قتلَهما.


(١) زاد بعد هذا في م من ظا: "وهذا قول صحيح إلا أنه تناقض فقال في الكلب الذي ليس بعقور: إن قتله ضمنه بقيمته، ومعلوم أن الجرذ الوحشي ليس بصيد". وهذا كله لم يرد في الأصل ولا في ف ٣، د ٤ مما يعني إما أن يكون المؤلف قاله ثم حذفه، أو يكون من قول أحد القراء، فالله أعلم.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٥٠٥٢)، وابن حزم في المحلى ٧/ ٣٦٨.
(٣) في بعض النسخ: "العلماء"، والمثبت من الأصل.
(٤) انظر: فتح الباري للحافظ ابن حجر ٤/ ٣٩، وعزاه إلى ابن أبي شيبة.
(٥) في د ٤: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>