للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمرِو بن دينارٍ، عن عِكْرِمةَ، عن ابن عبّاسٍ، قال: اعتمَرَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أربعَ عُمَرٍ: عُمْرةَ الحُديبيةِ، والثّانيةَ حيثُ تَواطؤوا على عُمْرةِ قابِلٍ، والثّالثةَ من الجِعرانةِ، والرّابعةَ التي قرَنَ مع حَجَّتِهِ.

قال أبو عُمر: ليس في قولِهِ: "حيثُ تواطؤوا على عُمرةِ قابِلٍ" دليلٌ على أنَّها على جِهَةِ القَضاءِ، وحسبُكَ أنَّهُ قد جعَلَ عُمرةَ الحُديبيةِ -وهي التي حُصِرَ عنها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم--عُمْرةً من عُمَرِهِ، وقد أجمَعُوا على أنَّ تلكَ عُمرَةٌ من عُمَرِهِ، وإنَّما اختلفُوا في العُمرةِ الرّابعةِ، فمن زعَمَ أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان مُفرِدًا، يقولُ: لم يَعْتمِرْ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلّا ثلاثَ عُمَرٍ: عُمْرةَ الحُدَيبيةِ، والعُمْرةَ من قابِل، وعُمْرةَ الجِعِرّانةِ. وهُو مذهَبُ مالكٍ، وعُرْوةَ بن الزُّبيرِ، وجَماعةٍ، وسنَذكُرُ الآثارَ في ذلك، في بابِ هشام بن عُروةَ، وفي بابِ بلاغ مالكٍ إن شاءَ الله.

ومن زعَمَ أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تمتَّعَ في حَجَّةِ الوداع بالعُمرةِ إلى الحجِّ، أو قرَنَ الحجَّ مع العُمْرةِ، زعمَ أنَّ عُمَرَهُ كانت أربعًا -صلى الله عليه وسلم-.

وقد ذكَرْنا ما اعتلَّ به من جِهَةِ الأثرِ من قال: إنَّهُ كان مُفْرِدًا، وما اعتلَّ به من قال: إنَّهُ تمتَّعَ، ومن قال: إنَّهُ قرَنَ. كلُّ ذلك في بابِ ابن شِهاب، عن عُرْوةَ، من كِتابِنا هذا، والحمدُ لله.

واختلَفَ الفُقهاءُ في المُحصرِ بعدُوٍّ، أينَ ينحرُ هَدْيَهُ؟ فقال مالكٌ (١): يَنْحرُ هديَهُ حيثُ حُصِرَ في الحَرَم، وغيرِهِ. وبذلك قال الشّافِعيُّ (٢). وقال أبو حَنيفةَ (٣): لا يَنْحر إلّا في الحَرَم. وقد ذكَرْنا هذه المسألةَ مجُوَّدةً، في بابِ أبي الزُّبيرِ.


(١) انظر: المدونة ٤/ ٤٣٩.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٧٣.
(٣) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>