للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِهَ العُمرةَ في أشهُرِ الحجِّ غيرَ عُمرَ رضي الله عنهُ، وقد ثبتَ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لم تكُن عُمَرُهُ كلُّها إلّا في شوّالٍ، وقيل: في ذي القَعْدةِ، وهُما جميعًا من أشهُرِ الحجِّ.

وستأتي الآثارُ في عُمَرِهِ -صلى الله عليه وسلم-، في بابِ هشام بن عُروةَ إن شاءَ الله.

قال أبو عُمر: العُلماءُ مُجمِعُونَ، على أنَّهُ إذا أدخَلَ الحجَّ على العُمرةِ في أشْهُرِ الحجِّ، على ما وصَفْنا قبلَ الطَّوافِ بالبيتِ، أنَّهُ جائزٌ لهُ ذلك، ويكونُ قارِنًا بذلك (١)، يلزمُهُ ما يلزمُ الذي أنشَأَ الحجَّ والعُمرةَ معًا.

وقالت طائفةٌ من أصحابِ مالكٍ: إنَّ لهُ أن يُدخِلَ الحجَّ على العُمرةِ وإن كان قد طافَ، ما لم يَرْكعْ رَكْعتيِ الطَّوافِ.

وقال بعضُهُم: ذلك لهُ بعد الطَّوافِ، ما لم يُكمِلِ السَّعيَ بين الصَّفا والمروةِ (٢).

وقال أشهبُ: من (٣) طافَ لعُمرتِهِ، ولو شَوْطًا واحدًا، لم يكُن لهُ إدخالُ الحجِّ عليها (٤)، وهذا هُو الصَّوابُ إن شاءَ الله.

فإن فعلَ وأدخَلَ الحجَّ على العُمرةِ بعدَ ذلك، فقدِ اختَلفُوا فيما يَلْزمُ من ذلك:

فقال مالكٌ: من أدخَلَ الحجَّ على العُمرةِ، بعدَ أن يَفْتتِحَ الطَّوافَ، لزِمهُ ذلك وصارَ قارِنًا (٥).

ورُوي مِثلُ ذلك عن أبي حَنِيفةَ، والمشهُورُ عنهُ: أنَّهُ لا يجُوزُ إلّا قبلَ الأخذِ في الطَّوافِ، على ما قدَّمنا.


(١) في د ٤: "ولذلك".
(٢) زاد هنا في م من ظا: "وهذا كله شُذوذٌ عند أهلِ العلم"، ولم يرد في النسخ الأخرى.
(٣) في د ٤، ف ٣: "متى".
(٤) التفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب ١/ ٢١٧.
(٥) انظر: المدونة ١/ ٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>