للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أهلَّ بحجَّةٍ لزِمتهُ، وكان قارِنًا إذا طافَ لعُمرتِهِ في أشْهُرِ الحجِّ. قالوا: والفرقُ بينهُما، أنَّ الحجَّ يدخُلُ على العُمرةِ، ولا تدخُلُ العُمرةُ على الحجِّ. قالوا: وإن أهلَّ بعُمرةٍ، وقد طافَ للحجِّ، فإنَّهُ يرفُضُها (١)، وعليه لرَفْضِها دمٌ، وعُمرةٌ مكانَها.

وقال الأوزاعيُّ: لا بأسَ أن يُضيفَ العُمرةَ إلى الحجِّ بعدَما يُهِلُّ بالحجِّ.

وقال أبو ثَوْرٍ: إذا أحرمَ بحجَّةٍ، فليسَ لهُ أن يُضيفَ إليها عُمرةً، ولا يُدخِلَ إحرامًا على إحرام، كما لا يُدخِلُ صَلاةً على صَلاة.

قال أبو عُمر: قولُ أبي ثَوْرٍ: لا يَدْخُلُ إحرامٌ على إحْرام، كما لا تَدْخُلُ صَلاةٌ على صَلاةٍ (٢)، يَنْفي دُخُولَ الحجِّ على العُمرةِ، وهذا شُذُوذٌ، وفِعلُ ابن عُمرَ في إدخالِهِ الحجَّ على العُمْرةِ، ومعَهُ على ذلك جُمهُورُ العُلماءِ، خير من قولِ أبي ثَوْرٍ الذي لا أصلَ لهُ إلّا القياسُ الفاسِدُ في هذا الموضِع، والله المُستعانُ.

ومِن هذا البابِ اختِلافُهُم فيمَنْ أهلَّ بحجَّتينِ، أو (٣) بعُمْرَتينِ، أو أدخلَ حَجَّةً على حجَّةٍ، أو عُمْرةً على عُمرِة.

فقال مالكٌ: الإحرامُ بحجَّتينِ أو عُمْرتين لا يجُوزُ، ولا يلزمُهُ إلّا واحدةٌ. وبذلك قال الشّافِعيُّ، ومحمدُ بن الحسنِ (٤).

قال الشّافِعيُّ: وكذلكَ لو أحرمَ بحجٍّ، ثُمَّ أدخلَ عليه حجًّا آخرَ قبلَ أن يُكمِلَ، فهُو مُهِلٌّ بحجٍّ واحدٍ، ولا شيءَ عليه في الثّاني، من فِديةٍ، ولا قضاءٍ، ولا غيرِهِ (٥).


(١) الرَّفضُ: التَّرك. انظر: لسان العرب ٧/ ١٥٦.
(٢) في ظا، م: "لا يدخل إحرامًا على إحرام، كما لا يدخل صلاةً على صلاة"، والمثبت من الأصل.
(٣) قوله: "بحجتين أو" لم يرد في د ٤.
(٤) انظر: التفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب ١/ ٢١٦، والكافي في فقه أهل المدينة للمؤلف، ص ١٥٠.
(٥) انظر: الأم ٢/ ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>