للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ: تَلزمُهُ الحجَّتانِ، ويصيرُ رافِضًا لإحداهما حينَ يتوجَّهُ إلى مكَّةَ (١).

وقال أبو يوسُف: تلزمُهُ الحجَّتانِ، ويصيرُ رافِضًا ساعتَئذٍ.

وذكر الجُوزجانيُّ (٢)، عن محمدٍ، قال: وقال أبو حنيفةَ وأبو يوسُف ومحمدٌ: من أهلَّ بحجَّتين معًا أو أكثرَ، فإنَّهُ إذا تَوَجَّه إلى مكَّةَ، وأخذَ في العَملِ، فهُو رافِضٌ لها كلِّها إلّا واحدةً، وعليه لكلِّ حَجَّةٍ رفَضَها دمٌ وحجَّة وعُمرةٌ.

وأمّا قولُهُ في حديثِ ابن عُمر: ثُمَّ نفَذَ حتّى جاءَ البيتَ، فطافَ به طَوافًا واحدًا، ورأى أنَّ ذلك مجُزِئٌ عنهُ، وأهْدَى. ففيه حُجَّة لمالكٍ في قولِهِ: إنَّ طوافَ الدُّخُولِ إذا وصلَ بالسَّعيِ، يُجزِئُ عن طَوافِ الإفاضَةِ لمن تَرَكهُ جاهِلًا، أو نَسِيهُ ولم يَذْكُرْهُ حتّى رجَعَ إلى بلد، وعليه الهديُ. ولا أعلمُ أحدًا قالهُ غيرَهُ، وغيرَ أصحابِهِ، واللهُ أعلمُ.

وفي رِوايةِ موسى بن عُقبةَ (٣)، وعُبيدِ الله بن عُمرَ، في حديثِ هذا البابِ، عن نافع، عن ابن عُمرَ، قولُهُ: ما أمرُهُما إلّا واحدٌ، وانطلقَ يُهِلُّ بهما جَميعًا حتّى قدِمَ مكَّةَ، فطافَ بالبيتِ، وبينَ الصَّفا والمروةِ، ولم يزِدْ على ذلك، ولم يحلِقْ ولم يُقصِّرْ، ولم يحِلَّ، حتّى كان يومُ النَّحرِ، فنحَرَ وحلقَ، ورأى أنْ قد قَضَى طوافَ الحجِّ والعُمْرةِ بطوافِهِ ذلك الأوَّلِ. فهذا يُبيِّنُ لكَ أنَّ الطَّوافَ في الحجِّ واحدٌ واجِبٌ للقارِنِ وغَيرِهِ، وأنَّ من اقتَصرَ عليه، لم يُسقِط فرضًا.


(١) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٥٢٨، والإشراف لابن المنذر ٣/ ١٩٩، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٦٥. وانظر فيها ما بعده.
(٢) في م: "الجوزاني"، محرَّف، وقد سلف التنبيه عليه.
(٣) سلف مسندًا من روايته، وكذا ما بعده، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>