للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ حُكْمَ الحَلْقِ باقٍ على المُحصَرينَ، كما هُو على من قد وصلَ إلى البيتِ سَواءً، لدُعائهِ للمُحلِّقين ثلاثًا، وللمُقصِّرينَ واحدةً، وهُو الحُجَّةُ القاطِعةُ (١).

وإلى هذا ذهَبَ مالكٌ وأصحابُهُ، الحِلاقُ عندَهُم نُسُكٌ يجِبُ على الحاجِّ الذي قد أتمَّ حجَّهُ، وعلى من فاتَهُ الحجُّ، والمُحْصَرِ (٢) بعدُوٍّ، والمُحصَرِ بمرَض.

وقد حكى ابنُ أبي عِمرانَ، عن ابن سماعةَ، عن أبي يوسُفَ في "نَوادِرِهِ": أنَّ عليه الحِلاقَ، أوِ التَّقصيرَ، لا بُدَّ لهُ منهُ.

واختَلَف قولُ الشّافِعيِّ في هذه المسألةِ على قولين، أحدُهما: أنَّ الحِلاقَ للمُحصَرِ من النُّسُكِ. والآخرُ: ليسَ من النُّسُك.

واختلَفَ العُلماءُ في المُحصَرِ، هل لهُ أن يحلِقَ، أو يحِلُّ بشيءٍ من (٣) الحِلِّ قبلَ أن ينحَرَ ما اسْتَيسرَ من الهدي؟

فقال مالكٌ (٤): السُّنّة الثّابِتةُ التي لا اختِلافَ فيها عندَنا، أَنَّهُ لا يجُوزُ لأحَدٍ أن يأخُذَ من شَعْرِهِ حتّى ينحَرَ هَدْيَهُ، قال اللهُ في كِتابِه: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦]. ومعنى هذا من قولِهِ فيمَنْ أتمَّ حَجَّهُ، لا في المُحصَرِ؛ لأنَّهُ قد تَقدَّم قولُهُ في المُحصَرِ: أَنَّهُ لا هَدْيَ عليه إن لم يكُن ساقَهُ معَهُ.

والحِلاقُ عندَهُ للحاجِّ وللمُعْتَمِرِ سُنَّةٌ، وعلى تارِكِهِ الدَّمُ، والتَّحلُّلُ في مَذهبِهِ عندَ أصحابِهِ لا يتعلَّقُ بالحِلاق لم، وإنَّما التَّحلُّلُ الرَّميُ، أو ذهابُ زمانِهِ، أو طوافُ الإفاضَةِ، فمن (٥) تحلَّل في الحِلِّ من المُحصَرينَ، كان حِلاقُهُ فيه، ومن تحلَّل في الحَرَم، كان حِلاقُهُ فيه.


(١) زاد هنا في م: "والنظر الصحيح".
(٢) في د ٤: "أو المحصر"، وفي م: "وعلى المحصر"، والمثبت من الأصل.
(٣) في م: "في".
(٤) انظر: الموطأ ١/ ٥٢٩ - ٥٣١ (١١٧٢، ١١٧٧).
(٥) في د ٤، ف ٣: "فيمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>