للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا اختِلافُ الفُقهاءِ في هذا البابِ (١)، فرُوي عن مالكٍ: أَنَّهُ قال مرّةً في مُسافِرٍ أمَّ مُقيمينَ، فأتمَّ بهمُ الصَّلاةَ، جاهلًا، ومنهُمُ المُسافِرُ والمُقيمُ. قال: أرَىَ أن يُعيدُوا الصَّلاةَ جميعًا. ورُوي عنهُ أيضًا أنَّهُ قال: يُعيدُ ما كان في الوَقتِ، وما مَضَى وقتُهُ فلا إعادةَ عليه.

وقال ابنُ المَوّازِ -في من صلَّى أربعًا ناسيًا لسفرِهِ، أو ناسيًا لإقصارِهِ، أو ذاكِرًا-: فلْيُعِد في الوَقتِ. وكذلك قال سُحنُونٌ فيمَنْ صلَّى في السَّفرِ ناسيًا، أو ذاكِرًا. وزادَ: أو جاهِلًا، أربعًا: إنَّهُ يُعيدُ في الوَقْتِ.

وقال ابنُ المَوّاز: لوِ افتتَحَ على رَكْعتينِ، فأتمَّها أربعًا تَعمُّدًا، أعاد أبدًا، وإن كان سَهْوًا، سجدَ لسَهوِهِ، وأجزأهُ.

وقال سُحنُونٌ: بل يُعيدُ أبدًا، لكَثْرةِ السَّهوِ.

وقال ابنُ الموّازِ: ليس كسَهوٍ (٢) مُجتَمَع عليه.

وذكر أبو الفَرج، عن مالكٍ، قال: ومن أتمَّ في السَّفرِ، أعادَها مَقْصُورةً، ما دامَ في وَقْتِها، إلّا أن يَنْويَ مُقامًا، فيُعيدُها كامِلةً، ما دامَ في وَقْتِها. قال: ولو صلَّى مُسافِرٌ بمُسافِرينَ، فسَها فقامَ ليُتِمَّ، فلْيجلِسْ مَن وراءَهُ، حتّى يُسلِّمُوا بسلامِهِ، وعليه إعادةُ الصَّلاةِ، ما دامَ في الوَقتِ.

قال القاضي أبو الفَرج: أحسَبُهُ أَنَّهُ ألزَمَ هذا الإعادةَ، لأنَّهُ سُبِّح به، فتمادَى في صلاتِهِ عامِدًا، عالمًا بذلك، وأمّا إن كان ساهيًا، فلا وجهَ لأمرِهِ بالإعادةِ؛ لأنَّهُ بمَنْزِلةِ مُقيم صلَّى الظَّهر خمسًا ساهيًا، فلم يكُن عليه إعادةٌ.


(١) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ١/ ٢٧٠، والأم للشافعي ١/ ٢٠٨، والمدونة لسحنون ١/ ٢٠٦، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد اللَّه، ص ١١٧ (٤١٩)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٣٨١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٥٨. وانظر فيها ما بعده.
(٢) في ف ٣: "كل سهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>