للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أشهبُ (١): سُئلَ مالكٌ عمَّن صلَّى إلى غيرِ قِبلةٍ. فقال: إن كان انحرَفَ انحِرافًا يسيرًا، فلا أرَىَ عليه إعادة، وإن كان انحرَفَ انحِرافًا شديدًا، فأرَىَ عليه الإعادةَ ما كان في الوَقتِ.

وقال الأوزاعيُّ: من تحرَّى فأخطَأ القِبلةَ، أعادَ ما دامَ في الوقتِ، ولا يُعيدُ بعدَ الوَقتِ.

وقال الثَّوريُّ: إذا صلَّيتَ لغيرِ القِبلةِ، فقد أجزأكَ إذا لم تعمَّدْ ذلك، وإن كنتَ (٢) صلَّيتَ بعضَ صلاتِكَ لغيرِ القِبلةِ، ثُمَّ عرفتَ القِبلةَ بعدُ، فاسْتقبِلِ القِبلةَ ببقيّةِ صَلاتِكَ، واحتسِبْ بما صلَّيتَ.

(٣) وقال الشّافِعيُّ: إذا صلَّى إلى الشَّرقِ، ثُمَّ رأى القِبلةَ إلى الغربِ، استأنفَ، فإن كان شرَّقَ أو غرَّب مُتَحرِّفًا، ثُمَّ رأى أنَّهُ مُتَحرِّفٌ، وتلك جِهةٌ واحِدةٌ، فإنَّ عليه أن ينحرِفَ، ويعتدَّ بما مَضَى.

وذكر الرَّبيعُ، عنِ الشّافِعيِّ، قال: ولو دخلَ في الصَّلاةِ على اجتِهادٍ، ثُمَّ رأى القِبلةَ في غيرِ النّاحيةِ التي صلَّى إليها، فإن كان مُشرِّقًا، أو مُغرِّبًا، لم يعتدَّ بما مَضَى من صلاتِهِ، وسلَّمَ واستقبلَ الصَّلاةَ على ما بانَ لهُ واسْتَيقنهُ، وإن رأى أنَّهُ انحرفَ، لم يُلْغِ شيئًا من صلاتِهِ، لأنَّ الانحِرافَ ليسَ فيه يَقِينُ خَطَأ، وإنَّما هُو اجتِهادٌ لم يَرْجِع منهُ إلى يَقينٍ، وإنَّما رجعَ من دَلالةٍ إلى اجتِهادٍ مِثلِها.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ: من تحرَّى القِبلةَ فأخْطَأ، ثُمَّ بانَ لهُ ذلك، فلا إعادةَ عليه في وَقْتٍ، ولا غير.

قالوا: ولهُ أن يَتَحرَّى القِبلةَ، إذا لم يكُن على يَقينِ عِلْمٍ من جِهتِها.


(١) قوله: "أشهب" سقط من ي ١.
(٢) في ي ١: "شئت" وفي م: "جهلت و". انظر: الاستذكار ٢/ ٤٥٦.
(٣) هذه الفقرة لم ترد في ي ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>