للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِصريِّينَ، إلَّا ابنَ وَهْبٍ فإنَّه قال في الماءِ بقَولِ المدنيِّينَ مِن أصحابِ مالكٍ، وقَولُهم ما حكَاه أبو المُصعَبِ عنهم وعن أهلِ المَدِينَةِ أنَّ الماءَ لا تُفسِدُه النَّجاسَةُ الحالَّةُ فيه (١)، قليلًا كان أو كثيرًا إلَّا أنْ تظْهَرَ فيه النَّجاسَةُ وتُغيِّرَ منه طَعمًا أو رِيحًا أو لَونًا. وكذلك ذكَرَ أحمدُ بنُ المعذَّلِ (٢) أنَّ هذا قولُ مالكِ بنِ أنسٍ في الماء.

وذكَرَ ابنُ وَهْبٍ (٣)، عن ابنِ لَهيعةَ، عن خالدِ بنِ أبي عِمرانَ، أنَّه سألَ القاسمَ بنَ محمدٍ وسالِمَ بنَ عبدِ اللَّه عن الماءِ الرَّاكدِ الذي لا يجري تموتُ فيه الدَّابَّةُ، أيشرَبُ منه وَيغتسِل ويَغسِلُ منه الثِّيابَ؟ فقالا: انظُرْ بعَينِكَ، فإن رأيتَ ماءً لا يُدنِّسُه ما وقَعَ فيه، فنَرجُو ألّا يكُونَ به بأسٌ.

قال: وأخبَرني يونسُ، عن ابنِ شِهابٍ قال: كُلُّ ماءٍ فيه فَضلٌ عمَّا يُصيبُه مِن الأذَى، حتى لا يُغيِّرُ ذلك طعمَه ولا لونَه ولا ريحَه، فهو طاهرٌ يُتَوضَّأُ به (٤).

قال: وأخبَرني عبدُ الجبَّارِ بنُ عمرَ، عن ربيعَةَ، قال: إذا وقَعتِ المَيتَةُ في البئرِ فلم يتَغيَّرْ طَعمُها ولا لَونُها ولا ريحُها، فلا بَأسَ أنْ يتَوضَّأَ منها وإن رأى فيها المَيتة. قال: وإن تغيَّرت نزَعَ منها قَدْرَ ما يُذهِبُ الرائحةَ عنها (٥).

وهو قولُ ابنِ وَهْبٍ. وإلى هذا ذهَب إسماعيلُ بنُ إسحاقَ، ومحمدُ بنُ بُكيرٍ، وأبو الفَرَجِ، والأبهَرِيُّ، وسائرُ المُنتَحِلينَ لمذهَبِ مالكٍ مِن البَغدادِيِّينَ.


(١) المدوّنة ١/ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) ينظر تفصيل ما نقله المصنِّف عن أصحاب مالك المدنيِّين وغيرهم وعن عبد اللَّه بن وهب في البيان والتحصيل لابن رشد ١/ ١٥٩.
(٣) كما في المدوّنة ١/ ١٣١.
(٤) في موطئه كما في تغليق التعليق ٢/ ١٤١.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار/ مسند ابن عباس، ٢/ ٧٣٥ (١١١٦) عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد اللَّه بن وهب، به.
(٥) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تهذيب الآثار/ مسند ابن عباس، ٢/ ٧٣٥ (١١١٧) عن يونس بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن وهب، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>