للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أمّا صُفْرةُ الخَلُوقِ، فمعرُوفةٌ.

وأمّا الإحْدادُ: فتركُ المرأةِ للزِّينةِ كلِّها، عندَ موتِ زَوْجِها، ما دامَتْ في عِدَّتِها، يُقالُ لها حينئذٍ: امرأةٌ حادٌّ، ومُحِدٌّ؛ لأنَّهُ يُقالُ: أحدَّتِ المرأةُ تُحِدُّ، وحدَّتْ تَحِدُّ، فهي محُدٌّ وحادٌّ. إذا تَركَتِ الزِّينةَ لموتِ زَوْجِها.

هذا كلُّهُ قولُ الخَليلِ (١)، وغيرِهِ.

وأمّا الإحْدادُ عندَ العُلماءِ: فالامتِناعُ من الطِّيبِ والزِّينةِ بالثِّيابِ والحُليِّ وما كان من الزِّينةِ كلِّها، الدّاعيةِ إلى الأزْواج.

وجُملةُ مَذهبِ مالكٍ في ذلك: أنَّ المرأةَ المُحِدَّ، لا تلبسُ ثوبًا مَصبُوغًا، إلّا أن يُصبغَ بسَوادٍ، وتلبسُ البياضَ كلَّهُ، رَقِيقَهُ وغليظَهُ، ولا تلبسُ رقيقَ ثِيابِ اليَمنِ، وتلبسُ غَلِيظَها إن شاءَت، وتلبسُ الكتّانَ كلَّهُ، رَقِيقَهُ وغليظَهُ، ما لم يَكُن مصبُوغًا، وكذلك القُطنُ، ولا تَلْبسُ خَزًّا، ولا حَرِيرًا، ولا تَلْبسُ خاتمًا من ذَهَبٍ، ولا من فِضّةٍ، ولا من حَديدٍ أيضًا، ولا حُليًّا، ولا قُرطًا، ولا خَلْخالًا، ولا سِوارًا، ولا تمسُّ طيبًا بوَجهٍ من الوُجُوهِ، ولا تُحنِّطُ ميِّتًا، ولا تَدَّهِنُ بزَنبقٍ (٢)، ولا خيريٍّ (٣)، ولا بَنَفسج، ولا بأسَ أن تدهُن بالشَّيرقِ (٤)، والزَّيتِ، ولا تَختضِبُ بحِنّاءٍ، ولا كَتَم (٥)، ولا بأسَ أن تَمْتشِطَ بالسِّدرِ، وما لا يَخْتمِرُ في رأسِها، ولا تكتحِلُ إلّا من ضرُورةٍ (٦).


(١) انظر: العين ٣/ ٢٠.
(٢) في ي ١: "مر سردق". وفي م: "بزئبق". والزنبق: زهر طيب الرائحة، الواحدة زنبقة، وهو دهن الياسمين. المعجم الوسيط، ص ٤٠٢.
(٣) الخيري: نبات له زهر، وغلب على أصفره، لأنه الذي يستخرج دهنه، ويدخل في الأدوية. المعجم الوسيط، ص ٢٦٤.
(٤) الشيرق: لغة في الشيرج، وهو دهن السمسم. لسان العرب ١٠/ ١١٤.
(٥) الكتم: هو نبت يُخلط مع الوسمة، ويُصبغ به الشعر، أسود. النهاية ٤/ ١٥٠.
(٦) انظر: الموطأ ٢/ ١١٦ (١٧٥٥، ١٧٥٦)، والمدونة ٢/ ١٤ - ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>