للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كانت ضرُورةٌ، فقد أرخَصَ لها مالكٌ وأصحابُهُ في الكُحلِ، تجعلُهُ باللَّيلِ، وتمسحُهُ بالنَّهارِ.

ومِن قولِ مالكٍ والشّافِعيِّ (١): أنَّ الإحدادَ على كلِّ زَوْجةٍ، صَغيرةً كانت أو كبيرةً، أمةً كانت أو حُرّةً، مُسلِمةً كانت أو ذِمِّيّةً. وكذلك المُكاتَبةُ، والمُدبَّرةُ، إذا كانت زَوْجةً.

وكذلك امرأةُ المفقُودِ، الإحدادُ عليها عندَهُ. وقال ابنُ الماجِشُونِ: لا إحدادَ عليها.

وذكرَ ابنُ عبدِ الحكم، عن مالكٍ، قال: الإحدادُ على الكِتابيّةِ في زَوْجِها المُسلِم (٢). وقال أشهبُ: لا إحداد عليها. ورواهُ عن مالكٍ أيضًا.

وقال ابنُ نافع: لا إحدادَ على الذِّمِّيّةِ (٣). وهُو قولُ أبي حنيفةَ (٤)، لقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللَّه واليوم الآخِرِ أن تُحِدَّ على ميِّتٍ".

قال أبو عُمر: هذا لا حُجّةَ فيه؛ لأنَّ العِلّةَ حُرْمةُ المُسلِم الذي تَعتدُّ من مائهِ، وجاءَ الحديثُ بذِكْرِ من يُؤمِنُ باللَّه واليوم الآخِرِ؛ لأنَّ الخِطابَ إلى من هذه حالُهُ كان يَتَوجَّهُ، فدخَلَ المُؤمِناتُ في ذلك بالذِّكرِ، ودخلَ غيرُ المُؤمِناتِ بالمعنَى الذي ذكَرْنا، كما يُقالُ: هذا طريقُ المُسلِمين.


(١) انظر: المدونة ٢/ ١٤، والأم ٥/ ٢٤٨.
(٢) انظر: المدونة ٢/ ١٦.
(٣) بل قد روى ابن نافع هذا القول عن مالك نفسه، فقد روى سحنون عن ابن نافع عن مالك: لا إحداد عليها، لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الاخر تحد على ميت فوق ثلاث". المدونة ٢/ ١٣. ويؤيده أن ابن رشد ذكر في بداية المجتهد ٣/ ١٤١ أن ابن نافع رواه عن مالك.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>