للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخُلُ في مَعناهُ أهلُ الذِّمّةِ، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَبِعْ أحدُكُم على بَيعْ أخِيهِ" (١). يعني المُسلِم، فدخلَ في ذلك الذِّمِّيُّ بالمعنَى، وقد أوجبَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الشُّفعةَ للمُسلِم، وهي واجِبةٌ لأهلِ الذِّمّةِ، كما تجِبُ للمُسلِم، إلى أشياءَ يَطُولُ ذكرُها من هذا البابِ.

ولا خِلافَ أنَّ الزَّوجةَ الذِّمِّيّةَ في النَّفقةِ والعِدّةِ، وجَميع أحكام الزَّوجاتِ، كالمُسلِمةِ، وكذلك الإحدادُ.

ألا تَرى أنَّهُ حقٌّ للزَّوج الميِّتِ، من أجلِ ما يَلْحقُهُ من النَّسبِ، فأشْبَهَ الحُكمَ بينَ المُسلِم والذِّمِّيِّ، بحُكم الإسلام.

ولا خِلافَ عن مالكٍ، وأصحابِهِ: أنَّ المُطلَّقةَ المبتُوتةَ، وغيرها، لا إحدادَ عليها، وكذلك أُمُّ الوَلدِ، لا إحدادَ عليها عندَ وَفاةِ سيِّدِها، وإنَّما الإحْدادُ عندَهُم على المُتوفَّى عنها زَوْجُها، على حَسَبِ ما ذكَرْنا.

وقال الشّافِعيُّ (٢): الإحدادُ في البَدنِ، وهُو تركُ زينةِ البَدَنِ، وذلك أن يدخُل على البَدَنِ شيءٌ من غيرِهِ بزينةٍ، من ثيابٍ يُتزيَّنُ بها، وطيبٍ يَظْهرُ على المرأةِ فيدعُوها (٣) إلى شَهْوتِها، فمِن ذلك الدُّهنُ كلُّهُ في الرَّأسِ، وذلك لأنَّ الأدهانَ كلَّها سَواءٌ في تَرجيلِ الشَّعرِ، وإذهابِ الشَّعثِ. ألا تَرى أنَّ المُحرِمَ يَفْتدي إن دهنَ رأسهُ ولِحيتهُ بزَيتٍ، لما وصفتُ. قال: وكلُّ كُحلٍ كان زينةً، فلا خيرَ فيه، فأمّا الفارِسيُّ، وما أشبههُ، إذا احتاجَتْ إليه، فلا بأسَ. لأنَّهُ ليسَ بزينةٍ، بل يَزِيدُ العين مَرَهًا (٤) وقُبحًا، وما اضطُرَّت إليه مِمّا فيه زينةٌ من الكُحلِ،


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢١٦ (١٩٩٤) من حديث ابن عمر.
(٢) انظر: الأم ٥/ ٢٤٧.
(٣) كذا في النسخ، وفي الأم ٥/ ٢٣١: "فيدعوا".
(٤) في ي ١: "شرهًا". والمَرَه: مرض في العين، لتركِ الكحل. لسان العرب ١٣/ ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>