للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكْتَحلَتْ به ليلًا، وتَمسحُهُ نهارًا. دخلَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على أُمِّ سَلَمةَ وهي حادٌّ على أبي سَلَمةَ، فقال: "ما هذا يا أُمَّ سَلَمة (١)؟ ". فقالت: إنَّما هُو صَبْرٌ. فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجْعليه باللَّيلِ، وامْسَحيهِ بالنَّهارِ" (٢).

قال أبو عُمر: حديثُ أُمِّ سَلَمةَ هذا في "المُوطَّأ" من بَلاغاتِ مالكٍ، وسَنذكُرُ ذلك في مَوْضِعِهِ من كِتابِنا هذا، إن شاءَ اللَّه. ونَذكُرُ من طُرُقِهِ ما يَصِحُّ عندَنا مُتَّصِلًا مُسندًا بعونِ اللَّه.

وحديثُ أُمِّ سلمةَ هذا المُرسلُ، ظاهِرُهُ مُخالِفٌ لحديثِ أُمِّ سلمةَ المُسنَدِ المذكُورِ في هذا البابِ؛ لأنَّ حديث أُمِّ سلَمةَ في هذا البابِ، على ما رواهُ مالكٌ وغيرُهُ، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن حُميدِ بن نافع، عن زينبَ بنتِ أُمِّ سَلَمةَ، عن أُمِّ سلمةَ، يدُلُّ على أنَّ المُتوفَّى عنها زَوْجُها لا تكتحِلُ أصلًا؛ لأنَّهُ اشْتَكَتْ إليه امرأةٌ عَيْنها، فلم يأذَنْ لها في (٣) الكُحلِ، لا ليلًا ولا نَهارًا، لا من ضَرُورةٍ ولا من غيرِها، وقال: "لا" مرَّتينِ أو ثلاثًا، ولم يَقُل: إلّا أن تُضطرَّ. وأصلُ المسألةِ كانَ على أنَّها اشْتَكت عينَيها، وهذه ضَرُورةٌ.

وقد حكى مالكٌ (٤)، عن نافع، عن صفيّةَ ابْنةِ أبي عُبيدٍ: أنَّها اشْتَكت عينَها وهي حادٌّ على زوجِها عبدِ اللَّه بن عُمرَ، فلم تكتحِل، حتّى كادَتْ عَيناها تَرْمصانِ.

وقد قال بهذا طائفةٌ من أهلِ العِلم: أنَّ المرأةَ الحادَّ لا تكتحِلُ بحالٍ من الأحوالِ، على هذا الحديثِ، كما صَنَعت صَفيّةُ.

وأمّا حديثُ أُمِّ سلمةَ المُرسلُ، فإنَّ فيه: أنَّ امرأةً سَألَتها، وهي حادٌّ،


(١) قوله: "يا أم سلمة" لم يرد في م.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١١٦ (١٧٥٧).
(٣) في م: "من".
(٤) في الموطأ ٢/ ١١٦ (١٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>