للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: لأنَّ المَقصِدَ إلى التَّداوي، لا إلى التَّطيُّبِ (١)، والأعمالُ بالنِّيّاتِ.

وقال الشّافِعيُّ (٢): الصَّبِرُ يُصفِّرُ، فيكونُ زينةً، وليسَ بطيبٍ، وهُو كُحلُ الجَلاءِ، فأذِنت فيه أُمُّ سلمةَ للمَرأةِ باللَّيلِ، حيثُ لا يُرَى، وتمسحُهُ بالنَّهارِ، حيثُ يُرى، فكذلك ما أشبههُ.

وقال (٣): في الثِّيابِ زينتانِ، إحداهُما جمالُ الثِّيابِ على اللّابِسينَ، والسَّترُ للعَورةِ، فالثِّيابُ زينةٌ لمن لبِسَها، وإنَّما نُهيتِ الحادُّ عن زينةِ بَدَنِها، ولم تُنه عن سَترِ عَوْرِتِها، فلا بأسَ أن تلبسَ الحادُّ كلَّ ثَوْبٍ من البَياضِ؛ لأنَّ البياضَ ليسَ بمُزيِّنٍ، وكذلك الصُّوفُ، والوَبرُ، وكلُّ ما نُسِج على وَجهِهِ، ولم يدخُل عليه صِبْغٌ (٤) من خَزٍّ أو غيرِهِ، وكذلك كلُّ صِبْغٍ لم يُرَدْ به التَّزيُّنُ مثل السَّوَاد، وما صُبغَ ليَفْتُحَ، أو لنَفْيِ الوَسَخ عنهُ، فأمّا ما كان من زينةٍ، أو وَشْي في ثَوْبٍ، أو غيرِهِ، فلا تَلْبسُهُ الحادُّ، وذلك لكلِّ حُرّةٍ وأمةٍ، وكبيرةٍ وصغيرةٍ، مُسلِمةٍ أو ذِمِّيّةٍ.

وقال أبو حنيفةَ: لا تلبسُ ثوبَ عَصْبٍ (٥)، ولا خزٍّ، وإن لم يكُن مصبُوغًا، إذا أرادَتْ به الزِّينةَ، وإن لم تُرِدَ، فليس الثَّوبُ المصبُوغُ من الزِّينةِ، فلا بأسَ أن تلبسهُ، وإذا اشْتكت عينها، اكتحلَتْ بالأسودِ وغيرِهِ، وإن لم تَشْتكِ عينها لم تكتحِل.

وقال أحمدُ وإسحاقُ: المُتوفَّى عنها لا تختضِبُ، ولا تكتحِلُ، ولا تبيتُ عن بيتِها، ولا تلبسُ ثوبًا مصبُوغًا. قالا: والمُتوفَّى عنها، والمُطلَّقةُ في الزِّينةِ سواءٌ، للاحتياطِ (٦).


(١) في ي ١: "الطيب".
(٢) انظر: الأم ٥/ ٢٤٧.
(٣) المصدر السابق.
(٤) في الأصل، م: "صنع".
(٥) العَصْب: بُرود يمنية، يُعصَب غزلها، أي: يجمع ويشد، ثم يصبغ وينسج، فيأتي مَوْشيًّا، لبقاء ما عُصِبَ فيه أبيض، لم يأخذه صبغٌ. تاج العروس ٣/ ٣٧٧.
(٦) انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٤/ ١٦١٠ (٩٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>