للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قولُ الشّافِعيِّ في هذا البابِ نحوُ قولِ مالكٍ، إلّا أنَّهُ اختلَفَ قولُهُ في وُجُوبِ الإحْدادِ على المُطلَّقةِ التي لا تملكُ رَجْعتها، فمرّةً قال: عليها الإحدادُ، وهُو قولُ الكُوفيِّين؛ لأنَّها كالمُتوفَّى عنها، في أنَّهُما غيرُ ذواتَي زوج، وليسَتْ مِمَّن تملكُ رَجْعَتها. ومرّةً قال: لا يبينُ عِندِي أن أُوجِبَ عليها الإحدادَ؛ لأنَّهُما قد تختلِفانِ في حالٍ، وإنِ اجتمعتا في غيرِهِ (١).

قال أبو عُمر: في قولِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللَّه واليوم الآخِرِ، تُحِدُّ على ميِّتٍ، إلّا على زوج" دليلٌ على أنَّ الإحدادَ إنَّما يجِبُ على المَوْتَى، ومن أجْلِهِم، لا على المُطلَّقاتِ، واللَّه أعلمُ.

وأجمعُوا أن لا إحدادَ على المُطلَّقةِ الرَّجعيَّةِ، والمبتُوتةُ أشْبَهُ بها منها بالمُتوفَّى عنها، واللَّه أعلمُ.

وأجمعُوا أنَّ الإحدادَ واجِبٌ على ما ذكَرْنا، إلّا الحسَنَ البصريَّ، فإنَّهُ قال: ليسَ الإحدادُ بواجِبٍ (٢).

قال أبو عُمر: أمّا قولُهُ: "دَخلَتْ حِفشًا، ولبِسَتْ شرَّ ثيابِها". فالحِفشُ: البيتُ الصَّغيرُ. ذكرهُ ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ.

وكذلك قال الخليلُ (٣)، قال: الحِفْشُ: البيتُ الصَّغيرُ. قال: والحِفْشُ أيضًا: الشَّيءُ البالي الخلقُ. والحِفشُ أيضًا: الفَرْجُ. والحِفشُ: الدُّرجُ الذي يكونُ فيه البخُورُ، كالقارُورةِ للطِّيبِ.

وقال ابنُ وَهْبٍ: قولُهُ: "تَفْتضُّ به". قال: تُؤتَى بدابّةٍ، فتمسحُ على ظَهْرِها


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣٩٤، والمهذب للشيرازي ٣/ ١٣٠، ونهاية المطلب ١٥/ ٢٤٥.
(٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٩٦٣٥)، وتفسير الطبري ٥/ ٨٦ (٥٠٨٥).
(٣) انظر: العين ٣/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>