للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيَدِها، وتُؤتَى ببَعْرةٍ من بَعرِ الغَنَم، فتَرْمي بها من وَراءِ ظهرِها، ثُمَّ يكونُ إحلالًا لها بعدَ السَّنةِ.

وقال ابنُ بُكيرٍ: "تَفْتضُّ به": تتمسَّحُ به.

وقد قيل في معنى تمسحُ به: تمُرُّ به.

وقال الأخفشُ: أصلُ الافتِضاضِ، التَّفرُّقُ، يُقالُ: قَدِ افتضَّ القومُ عن فُلانٍ، إذا تَفرَّقُوا عنهُ، وانْفَضُّوا عنهُ أيضًا، وكذلك انفضَّ السَّيلُ عنِ الجَبلِ، وافتضَّ، إذا انصدَعَ فصارَ فِرْقتينِ. ويُقالُ: افْتَضَّ الجاريةَ، واقتضَّها، بالفاءِ وبالقافِ أيضًا. ومنهُ: فضَضتُ الخاتمَ، إذا كَسَرتَهُ. قال: فلَعلَّ قولَهُ: "تفتضُّ بالدّابّةِ"، أي: تنفرِجُ بها من الغَمِّ الذي كانت فيه، إذا تمسَّحت بها. قال: وأجودُ من ذلك عِندي، أنَّ "تَفتضّ": ترجِعُ إلى الفِضّةِ، فكأنَّهُ يُريدُ تَتمسَّحُ بتلك الدّابّةِ، حتّى تَنْتقي من دَرَنِها ذلك، فتصيرُ كأنَّها فِضّةٌ، ليسَ أنَّ تلك الدّابّةَ تَغسِلُها، ولكِنَّها إذا تمسَّحَتْ بذلك الطّائرِ، أوِ الدّابّةِ، خرجَتْ فاغْتَسلَتْ وتَنَظَّفت وتَطيَّبت، ولبِسَتْ ثيابها النَّظيفةَ، وتَعرَّضَتْ للأزواج، فتَصِيرُ نقيّةً، كأنَّها الفِضّةُ. قال: هذا عندَنا حتّى يأتيَكَ غيرُهُ.

قال أبو عُمر: أمّا الخليلُ، فذكرَ في الافتِضاضِ ما ذكرَ الأخفشُ، وغيرُهُ. قال (١): والفَضَضُ ماءٌ عَذَبٌ تَفْتضُّهُ، والفُضاضُ ما كُسِرَ من عَظْم، ودِرعٌ فضْفاضةٌ، والفَضضُ والفَضِيضُ: المُتفرِّقُ.

وقال أبو عُبيدٍ (٢): الحِفْشُ: الدُّرجُ، وجمعُهُ أحْفاشٌ، يُشبَّهُ به البيتُ الصَّغيرُ.

قال أبو عُمر: وأمّا قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حَدِيثِ شُعبةَ ويحيى بن سَعيدٍ المذكُورِ في هذا البابِ: عن حُميدِ بن نافع، عن زَيْنبَ بنتِ أُمِّ سَلَمةَ، عن أُمِّ سَلَمةَ: "قد كانت


(١) انظر: العين ٧/ ١٣.
(٢) انظر: غريب الحديث له ٣/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>