للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُبيدٍ: والذي نَختارُ (١) من هذا، قولُ الأوزاعِيِّ؛ لأنَّ دِينَ سيِّدهِ، أحقُّ به من أبوَيهِ، والإسلامُ يَعلُو ولا يُعلى، ولمّا لم يكُن على دِينِ أبوَيهِ إذا كانا ميِّتينِ، أو غائبينِ، فكذلك إذا كانا حيَّينِ مُقِيمينِ (٢).

وقال الميمُونيُّ (٣) عبدُ الملكِ بنُ عبدِ الحمِيدِ، من ولدِ ميمُونِ بنِ مهرانَ: سألتُ أحمد بن حَنْبل عنِ الصَّغِيرِ يخرُجُ من أرضِ الرُّوم، ليس معهُ أبواهُ؟ قال: إذا ماتَ، صلَّى عليه المُسلِمُونَ. قلتُ: يُكرَهُ على الإسلام؟ قال: من يَلِيهِ إلّا هُم؟ حُكمُهُ حُكمُهُم. فإن (٤) كان مَعهُ أبواهُ، أو أحدُهُما، لم يُكرَه، وهُو على دِينِهِما. واحتجَّ بحديثِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ مولُودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ، وأبواهُ يُهوِّدانِهِ ويُنصِّرانِهِ" (٥). قلتُ: وإن كان مع أحَدِهما؟ قال: وإن كان مع أحَدِهِما؟ قلتُ: فيُفدَى بالصَّغِيرُ (٦) إذا لم يكُن مَعهُ أبواهُ؟ قال: لا، ولا يَنْبغِي إلّا أن يكونَ مَعهُ أبواهُ. فذكَرتُ لهُ حديثٌ عُمر بنِ عبدِ العزيزِ: أَنَّهُ فادَى بصغِيرٍ، وقال: نرُدُّهُ إليهم صغِيرًا، ويرُدُّهُ اللهُ إلينا كبِيرًا، فنضرِبُ عُنُقهُ. فقال أحمدُ: هذا لا شكَّ كان معهُ أبواهُ أو أحدُهُما (٧).

وتعجَّبَ أبو عبدِ الله من أهلِ الثُّغُورِ، قال: إذا أخذُوا الصَّغِير ومَعهُ أبواهُ، كان حُكمُهُ عِندَهُم حُكمَ الإسلام، ولم يَلْتفِتُوا إلى أبوَيهِ. قلتُ: فأيُّ شيءٍ تَقُولُ


(١) في د ٢، م: "يختار".
(٢) انظر: الاستذكار ٣/ ١١٧.
(٣) في د ٢، م: "الميمون بن"، خطأ بيّن. انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٨٩.
(٤) في د ٢، م: "قال".
(٥) هو من حديث أبي هريرة، حديث هذا الباب.
(٦) في د ٢، م: "الصغير".
(٧) انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق ٦/ ٢٨٢٨ (٢٠٤٢)، ومسائل أحمد رواية ابنه عبد الله، ص ٥٤ (١٨٩)، ورواية أبي داود السجستاني، ص ٣٢٩ (١٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>