للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفْنَى وما أفنَيْتُ (١) للدَّهرِ ليلةً ... ولم يُغنِ ما أفنيتُ سِلكَ نِظامِ

(٢) وقال أبو العَتاهِيةِ، فذكرَ الزَّمان والدَّهر، وهُما سواءٌ، ومُرادُهُ في ذلك كلِّهِ ما يُحدِثُ اللهُ من العِبَرِ (٣) فيها لمنِ اعتبَرَ (٤):

إنَّ الزَّمان إذا رمَى لمُصِيبُ ... والعُودُ منهُ إذا عَجمتَ (٥) صلِيبُ

إنَّ الزَّمانَ لأهلِهِ لمُؤَدِّبٌ ... لو كان ينفعُ فيهمُ التَّأدِيبُ

كيفَ اغْتَررتَ بصرفِ دهرِكَ يا أخِي ... كيفَ اغتررتَ به وأنتَ لبِيبُ

ولقد رأيتُكَ للزَّمانِ مُجرِّبًا ... لو كان يُحكِمُ رأيكَ التَّجرِيبُ

وهذا المعنى في شِعرِهِ كثِيرٌ جِدًّا.

وقال غيرُهُ، وهُو المُساوِرُ بن هِندٍ (٦):

بَلِيتُ وعِلمِي في البِلادِ مكانهُ ... وأفْنَى شبابِي الدَّهرُ وهُو جدِيدُ

وقال غيرُهُ (٧):

حَنَتني حانِياتُ الدَّهرِ حتّى ... كأنِّي خاتِلٌ (٨) أدنُو لصيدِ

قرِيبُ الخَطْوِ يَحسَبُ من يَراني ... ولستُ مُقيَّدًا إنِّي بقيدِ


(١) في د ٢: "أنفيت".
(٢) هذه الفقرة إلى قوله: "وقال غيره، وهو المساور" لم ترد في ت، ف ٣.
(٣) في د ٢: "الفتن".
(٤) انظر: ديوان أبي العتاهية، ص ٢٧ - ٢٨، مع اختلاف في ترتيب الأبيات.
(٥) عجم الشيء: عضه ليعلم صلابته. انظر: لسان العرب ١٢/ ٣٩٠.
(٦) انظر: الشعر والشعراء للدينوري ١/ ٣٤٩.
(٧) البيتان لأبي الطمحان القيني في البيزرة، ص ١٣٦، وحلية المحاضرة ٢/ ١٤٨ وغيرهما.
(٨) ختله يختله: خدعه عن غفلة، والتخاتل: التخادع، والمخاتلة: مشي الصياد قليلًا قليلًا في خفية، لئلا يسمع الصيد حسه. لسان العرب ١١/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>