للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الحديثُ المذكُورُ فيه: "صاعًا من طعام"، فأخبَرناهُ عبدُ الرَّحمنِ بن مروانَ، قال: حدَّثنا الحَسَنُ بن يحيى، قال: حدَّثنا ابنُ الجارُودِ، قال (١): حدَّثنا عبدُ الله بن هاشِم، قال: حدَّثنا رَوْحُ بن عُبادةَ، عن شُعبَةَ، عن سيّارٍ، عنِ الشَّعبِيِّ، عن أبي هريرةَ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَبايعُوا بإلقاءِ الحَصَى، ولا تناجشُوا، ولا تَبايعُوا بالمُلامسةِ، ومنِ اشْتَرى مِنكُم مُحفَّلةً فكَرِهها، فليرُدَّها، وليرُدَّ معها صاعًا من طَعام".

وأمّا أقاوِيلُ الفُقهاءِ في هذا البابِ:

فقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ: المُحفَّلةُ عِندَنا وغيرُها سواءٌ. ومنِ اشْتَرى عِندَهُ وعِندَ أصحابه شاةً مُصرّاةً، فحلب لبَنَها، لم يرُدَّها بعَيْبٍ، ولكنَّهُ يرجِعُ بنُقصانِ العَيْبِ (٢).

وقالوا: هذا الحديثُ في المُصرّاةِ مَنسُوخٌ، واختلفُوا فيما نَسَخهُ، فمنهُم من قال: نسخهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦]. وأنَّهُ لا يجِبُ فيمَنِ استهلكَ شيئًا لأحَدٍ غيرِهِ، إلّا مِثلهُ، أو قِيمتهُ.

ومنهُم من قال: نَسَخهُ: "الخراجُ بالضَّمانِ" (٣). و: "الكالِئُ بالكالِئ" (٤)؛ لأنَّ لبنَ المُصرّاةِ دَيْنٌ في ذِمَّةِ المُشترِي، وإذا ألزَمناهُ في ذِمَّتِهِ صاعًا من تمرٍ، كان الطَّعامُ بالطَّعام نسِيئَةً، ودَينًا بدَينٍ، وهذا كلُّهُ مَنسُوخٌ بما ذكَرْنا.


(١) في المنتقى (٥٩٣)، وأخرجه أحمد في مسنده ١٦/ ٢١ (٩٩٢٧) عن روح بن عبادة، به.
وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٢٧٠ (١٣٦١٢).
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ١٠/ ٩٧، ومختصر اختلاف العلماء ٣/ ٥٩، ومنه نقل المصنِّف ما بعده.
(٣) سلف تخريجه في هذا الباب.
(٤) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢١، والدارقطني في سننه ٤/ ٤٠ (٣٠٦٠)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٧، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٩٠، من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>