للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مالكٌ وأصحابُهُ وطائفةٌ من أهلِ المدِينةِ: ولا في غُسلِ الجنابةِ، لا يجِبُ تخليلُ اللِّحيةِ أيضًا.

وقال الشّافِعيُّ وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُما والثَّورِيُّ والأوزاعِيُّ واللَّيْثُ وأحمدُ بن حنبلٍ وإسحاقُ بن راهوية وأبو ثورٍ وداودُ والطَّبرِيُّ وأكثرُ أهلِ العِلم: تخليلُ اللِّحيةِ في غُسلِ الجنابةِ واجِبٌ، ولا يجِبُ ذلك عِندهُم في الوُضُوءِ، وأظُنُّهُم فرَّقُوا بينَ ذلك، واللَّهُ أعلمُ، لقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحتَ كلِّ شَعْرةٍ جنابةٌ، فبُلُّوا الشَّعرَ، وأنقُوا البَشَرةَ" (١).

وأظُنُّ مالكًا ومن قال بقولِهِ ذهَبُوا إلى أنَّ الشَّعرَ لا يمنعُ وُصُول الماءِ، لرِقَّةِ الماءِ وتوصُّلِهِ إلى البَشَرةِ من غيرِ تخليل، إذا كان هُناك تحرِيكٌ، واللَّه أعلمُ.

وقد ذكرَ ابن عبدِ الحكم، عن مالكٍ قال: ويُحرِّكُ اللِّحيةَ في الوُضُوءِ إن كانت كبِيرةً ولا يُخلِّلُها، وأمّا في الغُسلِ فليُحرِّكها وإن صَغُرت، وتخليلُها أحبُّ إلينا (٢).

وذكر ابن القاسم، عن مالكٍ، قال: يُحرِّكُ المُتوضِّئُ ظاهِر لحيتِهِ، من غيرِ أن يُدخِل يَدَهُ فيها. قال: وهي مِثلُ أصابِع الرِّجِلِ، يعني أنَّها لا تُخلَّلُ.

وقال محمدُ بن عبدِ اللَّه بن عبدِ الحكم: تخليلُ اللِّحيةِ واجِبٌ في الوُضُوءِ والغُسلِ.

وأخبرنا خَلَفُ بن القاسم، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ اللَّه بن عبدِ المُؤمِنِ، قال: حدَّثنا المُفضَّلُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بن زِيادٍ، قال: حدَّثنا أبو قُرَّةَ،


(١) أخرجه أبو داود (٢٤٨)، وابن ماجة (٥٩٧)، والترمذي (١٠٦)، والبزار في مسنده ١٧/ ٢٥٢ (٩٩٣٣) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده الحارث بن وجيه، وهو ضعيف، وحديثه منكر؛ قاله أبو داود. وقال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك. . . وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار.
(٢) انظر: النوادر والزيادات للقيرواني ١/ ٣٤، والاستذكار ١/ ١٢٦. وانظر فيه أيضًا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>