للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: سمِعتُ مالكًا يَذْكُرُ تخليل اللِّحيةِ، فيقولُ: يَكْفيها ما يَمَسُّها من الماءِ، مع غَسْلِ الوَجْهِ، ويحتجُّ في ذلك بحدِيثهِ، عن عبدِ اللَّه بن زيدٍ، عن رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حِينَ أراهُ الرَّجُلُ الذي سألهُ عنهُ، لم يذكُر فيه تخليل اللِّحيةِ. وكان الأوزاعِيُّ يقولُ: ليسَ تحرِيكُ العارِضَيْنِ، وتخليلُ اللِّحيةِ، بواجِبٍ.

قال أبو عُمر: رُوِي عن النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنَّهُ خلَّلَ لحيتهُ في وُضُوئهِ (١). من وُجُوهٍ كلُّها ضعِيفةٌ (٢).

وأمّا الصَّحابةُ والتّابِعُونَ، فرُوِي عن جماعةٍ منهُم تخليلُ اللِّحيةِ، وأكثرُهُم لم يُفرِّقُوا بينَ الوُضُوءِ والجَنابةِ، ورُوِيَ عن جَماعةٍ منهُمُ الرُّخصةُ في تَرْكِ تخليلِ اللِّحيةِ.

وإيجابُ غَسْلِ ما تحتَ اللِّحيةِ، إيجابُ فرضٍ، والفرائضُ لا تثبُتُ إلّا بيقِينٍ لا اختِلاف فيه، ومنِ احتاطَ وأخذَ بالأوثقِ، فهُو أولى (٣) في خاصَّتِهِ، وأمّا الفتوى بإيجابِ الإعادةِ، فما يَنْبغِي أن يكون إلّا عن يقِينٍ، وباللَّه التَّوفِيقُ.

وذكرَ ابنُ خُوَيْز مَنْداد، أنَّ الفُقهاءَ اتَّفقُوا على أنَّ تخليلَ اللِّحيةِ ليسَ بواجِبٍ في الوُضُوءِ، إلّا شيءٌ رُوِي عن سعِيدِ بن جُبيرٍ.

قال أبو عُمر: الذي رُوِي عن سعِيدِ بن جُبيرٍ، قولُهُ: ما بالُ الرَّجُلِ يَغسِلُ


(١) قوله: "في وضوئه" من د ٢.
(٢) أخرجه إسحاق بن راهوية (١٣٧١)، وأحمد في مسنده ٤٣/ ١١٩ (٢٥٩٧٠)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٥٠، من حديث عائشة. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٢٥٥ - ٢٥٦ (١٦٠١٠). وأخرجه أيضا أبو داود (١٤٥)، وابن ماجة (٤٣١)، وأبو يعلى (٣٤٨٧)، والطبراني في مسند الشاميين (١٦٩١) من حديث أنس. وانظر: المسند الجامع ١/ ٢١٠ - ٢١١ (٢٥٨، ٢٥٩). وأخرجه أيضًا الحميدي (١٤٦، ١٤٧)، وابن ماجة (٤٢٩)، والترمذي (٢٩، ٣١) من حديث عمار بن ياسر. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٤٦٠ - ٤٦١ (١٠٤٠٩).
(٣) زاد هنا في م: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>