للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحيتهُ قبلَ أن تَنبُتَ، فإذا نَبتَت لم يَغْسِلها؟ وما بالُ الأمردِ يَغسِلُ ذقنهُ، ولا يَغسِلُهُ ذُو اللِّحيةِ (١)؟

وقال الطَّحاوِيُّ (٢): التَّيمُّمُ واجِبٌ فيه مَسْحُ البشرةِ قبلَ نباتِ اللِّحيةِ، ثُمَّ سقطَ بعدها عِندَ (٣) جميعِهِم، فكذلك الوُضُوءُ.

وقال سحنُونٌ (٤)، عنِ ابن القاسم: سمِعتُ مالكًا يُسألُ: هل سمِعتَ بعض أهلِ العِلم يقولُ: إنَّ اللِّحيةَ من الوَجْهِ، فليُمِرَّ عليها الماءَ؟ قال: نعم (٥). قال مالكٌ: وتخليلُها في الوُضُوءِ ليسَ من أمرِ النّاسِ. وعابَ ذلك على من فَعلَهُ (٦). قيلَ لسحنُونٍ: أرأيتَ من غسلَ وجههُ، ولم يُمرَّ الماءَ على لحيتِه؟ قال: هُو بمَنزِلةِ من لم يَمْسح رأسهُ، وعليه الإعادةُ.

واختلَفَ قولُ (٧) الشّافِعيِّ فيما ينسدِلُ من شَعْرِ اللِّحيةِ، فقال مرَّةً: أحبُّ إليَّ أن يُمِرَّ الماءَ على ما سقطَ من اللِّحيةِ عن الوَجْهِ. فإن لم يفعل، ففيها قولانِ، قال: يُجزِئه، في أحدِهِما. ولا يُجزِئه في الآخرِ (٨).

قال المُزنِيُّ: يُجزِئهُ أشبهُ بقولِهِ؛ لأنَّهُ لا يجعلُ ما سقطَ، يعني ما انسدلَ، عن مَنابِتِ شَعْرِ الرَّأسِ من الرَّأسِ، فكذلك يَلْزمُهُ أن لا يجعل ما سقطَ من مَنابِتِ شعرِ الوَجْهِ من الوَجْهِ.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٣٢)، والطبري في تفسيره ١٠/ ٣٦ (١١٣٩٩).
(٢) مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٥.
(٣) في د ٢: "عن".
(٤) انظر: المدونة ١/ ١٢٥.
(٥) قوله: "قال: نعم". لم يرد في الأصل، ت، م، وهو ثابت في د ٢.
(٦) انظر: تفسير القرطبي ٦/ ٨٣.
(٧) في د ٢: "أصحاب الشافعي".
(٨) انظر: الأم ١/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>