للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين أصحابِ مالكٍ وبين مُخالِفيهم في زكاةِ العوامِلِ من جِهةِ النَّظرِ والمُقايساتِ ما رغِبتُ عن ذِكرِهِ.

قال أبو عُمر: وأمّا الموضِعُ الذي اختَلَفُوا فيه من زكاةِ الغنم، فهُو: إذا زادت على ثلاثِ مئةِ شاةٍ؛ فإنَّ الحسن بن صالح بن حيٍّ قال: إذا كانتِ الغنمُ ثلاث مئةِ شاةٍ وشاةً ففيها أربعُ شياهٍ، وإذا كانت أربع مئةِ شاةٍ وشاةً، ففيها خمسُ شِياهٍ، ثُمَّ هكذا كلَّما زادت، في كلِّ مئةٍ شاةٌ. ورُوِيَ عن منصُورٍ، عن إبراهيمَ نحوهُ (١).

وقال مالكٌ (٢) والثَّورِيُّ وأبو حنِيفةَ والشّافِعيُّ (٣) وسائرُ الفُقهاءِ: في مِئَتي شاةٍ وشاةٍ ثلاثُ شِياهٍ، ثُمَّ لا شيءَ فيها زائدًا إلى أربع مئةٍ، فيكون فيها أربعُ شِياهٍ، ثُمَّ كلَّما زادت مئةً، ففيها شاةٌ. اتِّفاقًا وإجماعًا (٤).

والآثارُ المروِيَّةُ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كلُّها تدُلُّ على ما قالَ مالكٌ وسائرُ الفُقهاءِ، دُونَ ما قال الحسنُ بن حيٍّ؛ لأنَّ في جَميعِها في صدقةِ الغنم: فإذا زادت على ثلاثِ مئةٍ، ففي كلِّ مئةٍ شاةٌ.

وهذا يَقْتضِي ما قال الفُقهاءُ، وجماعةُ العُلماءِ، دُونَ ما قال الحسن بن حيّ، وهذه مَسْألةٌ وهِمَ فيها ابن المُنذِرِ (٥)، وحَكَى فيها عنِ العُلماءِ الخطأ، وخَلَط وأكثرَ الغلط.

وأمّا قولُ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حدِيثِ هذا البابِ: "وليسَ فيما دُونَ خمسِ أواقٍ صَدَقةٌ". فإنَّهُ إجماعٌ من أهلِ العِلم أيضًا.


(١) ذكره ابن حزم في المحلى ٥/ ٢٧١.
(٢) انظر: المدونة ١/ ٣٥٧.
(٣) انظر: الأم ٢/ ١٠.
(٤) انظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ١١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤١٣.
(٥) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>