للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال إسحاقُ: إذا خافَ فوات التَّكبِيرةِ الأُولى (١)، فلا بأسَ أن يَسْعَى.

قال أبو عُمر: مَعلُومٌ أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما زجرَ عن السَّعيِ من خافَ الفوتَ (٢)، قال: "فما أدركتُم فصلُّوا". فالواجِبُ أن يأتي الصَّلاةَ من خافَ فَوْتها، ومن لم يخف ذلك بالوَقار والسَّكِينة، وترك السَّعيِ، وتَقرِيب الخُطا، لأمرِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وهُو الحُجَّةُ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأمّا قولُهُ: "وما فاتكُم فأتِمُّوا" على ما رَوَى مالكٌ وغيرُهُ، مِمَّن تقدَّم ذِكرُهُ في هذا البابِ، ففيه دليلٌ على أنَّ ما أدركَ المُصلِّي مع إمامِهِ، فهُو أوَّلُ صلاتِهِ.

وهذا موضِعٌ اختلَف فيه العُلماءُ:

فأمّا مالكٌ فاختَلَفتِ الرِّوايةُ عنهُ فيما أدركَ المُصلِّي من صلاةِ الإمام، هل هُو أوَّلُ صلاتِهِ، أو آخِرُها، فروى سحنُونٌ (٣) عن جماعةٍ من أصحابِ مالكٍ، منهُمُ ابن القاسم عنهُ: أنَّ ما أدرك فهُو أوَّلُ صلاتِهِ، ولكِنَّهُ يقضِي ما فاتهُ بالحمدِ وسُورةٍ. وهذا هُو المشهُورُ من المذهبِ.

وقال ابن خُوَيْزمَنْداد: وهُو الذي عليه أصحابُنا، وهُو قولُ الأوزاعِيِّ، والشّافِعيِّ، ومحمدِ بن الحسنِ، وأحمد بن حنبل، والطَّبرِيِّ، وداود بن عليٍّ.

وروى أشهبُ، وهُو الذي ذكرهُ ابن عبدِ الحكم، عن مالكٍ، ورواهُ عيسى، عن ابن القاسم، عن مالكٍ: أنَّ ما أدركَ فهُو آخِرُ صلاتِهِ. وهُو قولُ أبي حنِيفةَ، والثَّورِيِّ، والحسنِ بن حيٍّ (٤).


(١) في د ٢، ت: "خاف فوت التكبير الأول".
(٢) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، د ٢، م.
(٣) المدونة ١/ ١٨٨.
(٤) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>