للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحبيُّ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي عوفٍ الجُرشيِّ، عن المقدام بن مَعْدي كَرِبَ الكنديِّ، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن نَزَل بقوم فعليهم أنْ يَقْرُوه" (١).

فاحتجَّ بهذه الآثار مَن ذهَب مذهبَ الليث في وُجوب الضِّيافة. واحتجُّوا أيضًا بما رُوِي في تأويل قوله عزَّ وجلَّ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: ١٤٨]. قال مجاهد: ذلك في الضِّيافة إذا لم يُضَفْ، فقد رُخِّص له أن يقول فيه. ذكَره وكيعٌ، عن ابنِ عيينة، عن ابنِ أبي نَجيح، عن مجاهد (٢).

وقال ابنُ جريج، عن مجاهد: نزلت في رجل ضاف رجلًا بفَلاةٍ من الأرض، فلم يُضِفْه، فنزلت: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}. ذكَر أنه لم يُضِفْه، لا يزيدُ على ذلك (٣).

قالوا: فهذه الآية تدلُّ على أن ذلك ظلمٌ، والظلمُ ممنوعٌ منه، فدلَّ على وجوبِ الضِّيافة.

واحتجَّ الآخَرون بحديث سعيد بن أبي سعيدٍ هذا، عن أبي شُرَيْح الكعبيِّ العَدَويِّ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المذكور في أول هذا الباب.

وقد رواه الليثُ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد، كما رواه مالكٌ سواء (٤). وفيه دليلٌ على أن الضِّيافة إكرامٌ وبرٌّ وفضيلةٌ لا فريضةٌ.


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٢٠/ ٢٨٣ (٦٧٥)، وفي مسند الشاميِّين ٢/ ١٣٨ (١٠٦٣)، وابن عديّ في الكامل ٢/ ٤٥٢ من طريق الوليد بن مسلم القرشيّ، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٢٨/ ٤١٠ (١٧١٧٤)، وأبو داود (٤٦٠٤)، وابن زنجوية في الأموال (٦٢٠)، والطبراني في الكبير ٢٠/ (٦٦٨) من طريق حريز بن عثمان الرَّحَبيّ، به. وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٩/ ٣٤٦ عن سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، عن عبد اللَّه بن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكر المكّي الأخنسي، عن مجاهد بن جبر، به. وسفيان بن وكيع بن الجراح: ضعيف.
وأخرجه سعيد بن منصور في تفسيره ٤/ ١٤٢٣ (٧٠٧) عن سفيان بن عيينة، به. وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٠٠ (٦١٧٠) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهذا إسناد صحيح إليه.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٩/ ٣٤٧ من طريق حجّاج بن المنهال، عن عبد الملك بن جريج، به.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢٦/ ٢٩٥ (١٦٣٧٤)، والبخاري (٦٠١٩)، ومسلم (٤٨) (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>