للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: أنَّ التَّصفيقَ لا تَفسُدُ به صلاةُ الرجال إن فعلُوه؛ لأنهم لم يُؤمَروا بإعادة، ولكن قيل لهم: شأنُ الرجال في مثل هذه الحال التَّسبيح. وفيه أنَّ أبا بكر كان لا يلتفِتُ في صلاته، ثم التفتَ إذ أكثرَ الناسُ التَّصفيق.

وفيه: أنَّ الالتفاتَ لا يُفسِدُ الصلاة؛ لأنه لو أفسَدها لأمَره رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- باعادتِها، ولقال له: قد أفسَدْتَ صلاتَك بالتفاتِك؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما بُعث آمرًا بالمعروف، وناهيًا عن المنكر، ومعلِّمًا شرائعَ الدين، وقد بلَّغ كلَّ ما أُمِر به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما أقرَّ عليه مما رآه فهو في حكم ما أباحه قولًا وعملًا، وقد جاءت في النهي عن الالتفاتِ في الصلاةِ أحاديثُ مَحملُها عند العُلماءِ (١) على ما وصَفتُ لك.

وأجمع العلماءُ على أنَّ الالتفاتَ في الصلاة مكروهٌ؛ وقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الالتفاتُ في الصلاة خُلسة يختَلِسُها الشيطانُ من صلاةِ العبد" (٢). وجمهورُ الفقهاء على أنَّ الالتفاتَ لا يُفسِدُ الصلاةَ إذا كان يسيرًا. وقال أبو ثور: إذا التفَت ببدنِه كلِّه أفسَد صلاته (٣). وقال الحكم: من تأمَّل مَن عن يمينِه أو يسارِه في الصلاة حتى يعرِفَه فليس له صلاة (٤).

وأخبرنا عبدُ اللَّه بنُ محمد بن يوسف، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ محمد بن عليٍّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ قاسم بن محمد، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبد اللَّه بنِ سليمانَ مُطيَّن، قال: حدَّثنا موسى بن زياد، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم، عن


(١) في الأصل، م: "أهل العلم"، والمثبت من د ٢، د ٣.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤١/ ٢٦٦ (٢٤٧٤٦)، والبخاري (٧٥١) من حديث مسروق بن الأجدع عن عائشة رضي اللَّه عنها.
(٣) نقله عنه ابن المنذر في الأوسط ٣/ ٢٤٧.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٤٢ (٤٥٧٩) من حديث خطّاب العُصْفُري، عن الحكم، وهو ابن عتيبة. ويُنظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>