للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا قتادة، قال: سمعتُ جابرَ بنَ زيدٍ يُحدِّثُ عن ابنِ عباس -رفَعه شعبةُ- قال: "يَقطعُ الصلاةَ المرأةُ الحائض، والكلب".

وقال جمهورُ العلماء: لا يَقطعُ الصلاةَ شيءٌ. وهو قولُ مالك، والشافعيِّ، وأبي حنيفة، وأصحابهم، والثوريِّ، وأبي ثور، وداود، والطبريِّ، وجماعة من التابعين (١).

قال أبو عُمر: الآثارُ المرفوعةُ في هذا الباب كلُّها صحاحٌ من جهة النقل، غيرَ أن حديثَ أبي ذَرٍّ وغيرِه في المرأة، والحمار، والكلبِ منسوخٌ ومُعارَضٌ (٢)، فممّا عارَضه أو نسَخه عندَ أكثر العلماء حديثُ عائشةَ المذكورُ في هذا الباب.


= ووقع عند ابن ماجة والطبراني بلفظ "والكلب الأسود"، وقرن النسائي بشعبة هشامًا الدستوائي.
وقد ذكر أبو داود أن همّامًا وهشامًا وسعيد بن أبي عروبة وقفوه عن قتادة عن جابر بن زيد الأزدي عن ابن عباس.
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن قتادة، قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب. قال يحيى بن سعيد أخاف أن يكون وهم. قال أبي: هو صحيح عندي". العلل (٦٠٦).
(١) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٩٥، والمدوّنة ١/ ٢٠٣، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ص ١٦٠ - ١٦١، وجامع الترمذي بإثر الحديث (٣٣٧)، والأوسط لابن المنذر ٥/ ٩٤، وبداية المجتهد لابن رشد ١/ ١٩٠.
(٢) وإلى هذا ذهب الطحاويُّ وغيره، إلى أن حديث أبي ذرّ وما وافقه منسوخٌ بحديث عائشة، وقد ردَّ ذلك كثيرٌ من أهل العلم كالحافظ ابن رجب والنّووي وابن حجر، وردُّوا دعوى النسخ في ذلك، فذكر ابن رجب أن الإمام أحمد كان شديد الورع في دعوى النسخ، وأنه كان لا يُطلقه إلا عن يقين وتحقيق، ثم قال: "فلذلك عَدَل عن دعوى النسخ هنا إلى دعوى تعارُض الأخبار، والأخذِ بأصحِّها إسنادًا، فأخذ بحديث عائشة في المرأة، وحديث ابن عباس في الحمار، فبقي الكلب الأسود من غير معارض"، ثم قال: "ومنهم من ادّعى نسخها بحديث مرور الحمار وهو في حجّة الوداع -وهي في آخر عُمر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وإذا نسخ منها =

<<  <  ج: ص:  >  >>