للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ عائشةَ أرادَت أن تشتريَ بَريرَةَ فتُعتِقَها، فقال أهلُها: نبيعُكِها على أنَّ الولاءَ لنا، فذكَرتْ ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لا يمنَعُكِ ذلك، فإنَّما الولاءُ لمَن أعتَقَ"؟ وقد ذكَرنا هذا الخبرَ في بابِ نافع مِن كتابِنا هذا (١).

وليسَ في شيء من أخبارِ بَريرةَ أصحُّ من هذا الإسنادِ عن ابنِ عمر، وليس فيه اختلافٌ كما في حديثِ هشام من اختلافِ ألفاظِه.

وقد بانَ في حديثِ ابنِ عمرَ أنَّ عائشةَ أرادَت شراءَ بَريرَةَ وعِتقَها، فأراد أهلُها اشتراطَ الولاءِ لهم، وفي مثل هذا يصحُّ الإنكارُ المذكورُ في حديثِ هشام بنِ عُروةَ على أهل بَريرَةَ، لأنَّ الولاءَ ثبَت للمُشتَري المُعتِقِ ثُبوتَ النَّسَب، فلا يجوزُ لأحدٍ تحويلُه عنه ببيعٍ ولا اشتراطٍ، وكذلك في سياقةِ أكثرِ الأحاديثِ ما يدلُّ على أنَّ بَريرَةَ بِيعَت من عائشةَ لا أنَّها أدَّت عنها كتابتَها، إلّا أنّ في هذا الحديثِ شرْطَ الولاءِ مع البيع، وإباحةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شراءَها على ذلك دونَ إعمالِ الشرْط، وفي ذلك صِحّةُ البيع وإبطالُ الشرْط.

وروِى الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، أنَّ أهلَ بَريرةَ أرادوا أن يبيعوها ويشترطُوا الولاءَ، فذكَرَتْ ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اشتريها وأعتِقيها، فإنَّما الولاءُ لمَن أعتَقَ" (٢).

فبان بحديثِ الأسودِ عن عائشة، وبحديثِ ابنِ شهابِ أيضًا المتقدِّم ذِكرُه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرها بالشراءِ ابتداءً، وبعتقِها بعدَ مِلْكِها، ليَكونَ الولاءُ لها.


(١) وهو الحديث الخامس والسِّتُّون له، وقد سلف في موضعه.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٢٦٠)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٧٤٤٠)، وإسحاق بن راهوية في مسنده (١٥٣٩)، وأحمد في مسنده ٤٠/ ١٨٠ - ١٨١ (٢٤١٥٠) أربعتهم عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن سليمان بن مهران الأعمش، به. وإسناده صحيح. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعيّ، والأسود: هو ابن يزيد النخعيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>