للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الروايةُ عن عائشةَ موافِقةٌ لما رواه ابنُ عمر، وهو الصحيحُ في ذلك على ما قدَّمنا ذكرَه.

وفي رواية إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أيضًا ما يبيِّنُ روايةَ هشام، عن أبيه، عن عائشةَ، في قوله عليه السلام: "خُذِيها، ولا يمنعُكِ ذلك، فإنَّما الولاءُ لمَن أعتَقَ".

وفيه دليلٌ، بل نصٌّ، على صحةِ شرائِها وصحةِ مِلْكِها، وصحةِ عتقِها بعد ذلك، واستحقاقِ ولائِها - واللهُ أعلم - واشتراطِ أهلِ بَريرةَ ولاءَها مع بَتْلِ بيعِها (١) على العتق، فهو الذي خطَبهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإنكارِه؛ لتقدُّمه إليهم وإلى غيرهم في النَّهْي عن بيع الولاءِ وهبتِه.

وفي هذا الحديث على ما ذكَرنا: إجازةُ البيع على شرطِ العتق، وهذه مسألةٌ اختلَف الفقهاءُ فيها، وقد ذكَرناها في باب نافع، عن ابنِ عمرَ من هذا الكتاب (٢)، فلا معنى لتكريرِ ذلك هاهنا.

وفيه دليلٌ على أنَّ المُكاتبَ عبدٌ ما بقيَ عليه من كتابتِه شيءٌ؛ لأنَّه لو لم يكن عبدًا ما جاز بيعُه، وفي كونِه عبدًا ردٌّ لقولِ من قال: إذا عُقدت كتابتُه فهو غريم من الغُرَماء، وردٌّ لقول مَن قال: إذا أدَّى قيمتَه فهو غريم، وردٌّ لقول من قال: إذا أدَّى الثُّلثَ فهو غريم، وردٌّ لقولِ مَن قال: إذا أدَّى الشطرَ فهو غريم، وردٌّ لقولِ مَن قال: يُعتَقُ منه بقدرِ ما أدَّى.

وروَى الحكمُ بنُ عُتَيبةَ، عن عليٍّ، قال: تجْري العَتاقةُ فيه من أوّل نَجْم (٣).


(١) قوله: "بَتْل بَيْعِها" أي: وُجوبه والقطْعُ به، يقال: بتَلَه يَبْتُلُه بتْلًا: إذا قطعه. ينظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٩٤، واللسان (بتل).
(٢) في الحديث الخامس والسِّتين له، وقد سلف في موضعه.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٠٩٦١)، وذكره ابن حزم في المحلّى ٩/ ٢٣٠، وهو منقطع، الحكم بن عتيبة لم يلق عليًّا رضي الله عنه.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط ٧/ ٥٠٣ (٦٩١٢) من طريق الحكم بن عُتيبة عن رجل، عن عليٍّ، به. وإسناده ضعيف لجهالة الواسطة بين الحكم وعليٍّ رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>