للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: كان ذلك من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مع جابرٍ في غزوةِ ذاتِ الرِّقاع، وذلك سنةَ أربع من الهجرة، كذلك ذكَر ابنُ إسحاق (١)، عن وَهْبِ بنِ كيسان، عن جابر، قال: خرجتُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزو ذاتِ الرِّقاع. وذكَر الحديثَ في شرائِه منه جملَه، ولم يذكُرْ أنه اشترطَ عليه فيه شيئًا. واضطرابُ ألفاظِ الناقلين لخبر جابرٍ في ذلك كثير.

وأما قوله: "كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل". فمعناه: كلُّ شرطٍ ليس في حُكم الله وقضائِه في كتابِه أو سنَّةِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ اللهَ قد قرَن طاعةَ رسولِه بطاعتِه في آياتٍ كثيرِةٍ من كتابه، وقال الله عزَّ وجلَّ: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤]. يريد: حكمَ الله عليكم وقضاؤُه فيكم أنْ حرَّم عليكم ما ذكَر في تلك الآية. وقد أخبَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ قضاءَ الله وشرطَه أن يكونَ الولاءُ لمَن أعتقَ، ولا يُعلَمُ في نصِّ كتابِ الله ولا في دلالةٍ منه أن الولاءَ للمُعتِق، وإنما ذلك في سنّةِ رسولِ الله المأثورةِ عنه بنقلِ أهلِ العدالةِ من جهةِ الخبرِ الخاصِّ.

ولمّا أمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ باتباع رسولِه - صلى الله عليه وسلم - جاز أن يقالَ لكلِّ حُكم حَكَم به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: حكمُ الله وقضاؤه. ألا ترَى إلى حديثِ الزُّهريِّ، عن عبيدِ الله، عن


= وذكره الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٣/ ١٢ وعزاه لابن حزم والخطابي والطبراني والحاكم، وقال: "بيَّض له الرافعي في التهذيب واستغربه النووي ... ، ورواه أصحاب السُّنن إلا ابن ماجة وابن حبّان والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، بلفظ: "يحِلُّ سلفٌ وبيعٌ، ولا شرطان في بيع".
قلنا: أخرجه أحمد في المسند ١١/ ٢٥٣ (٦٦٧١)، وأبو داود (٣٥٠٤)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦٣٠) من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليّة، عن أيوب السختيانيّ، عن عمرو بن شعيب، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وينظر: بيان الوهم والإيهام لابن القطان الفاسيّ ٢/ ٥٢٧، والبدر المنير لابن الملقّن ٦/ ٤٩٧ - ٤٩٨.
(١) كما في السيرة النبويّة لابن هشام ٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧، ومن طريقه أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ٢٧٠ (١٥٠٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>