للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر الأثرم (١): أخبرنا معاويةُ بنُ عَمْرو، عن سفيان، عن عطاءِ بنِ السائب، أنه رأى عبدَ الله بنَ أبي أوفَى يتنخَّمُ دمًا عبيطًا (٢) وهو يُصلِّي.

قال (٣): وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا حمّادٌ، قال: أخبرنا حُميدٌ، عن بكرِ بنِ عبدِ الله المزنيِّ، أن ابنَ عُمرَ عَصَر بَثرةً في وجهِه، فخرَج منها شيءٌ من دم وقَيح، فمسَحه بيدِه وصلَّى ولم يتوضّأ.

قال أبو بكر (٤): سمِعتُ أبا عبدِ الله يقول: البولُ والغائطُ غيرُ الدم، لأنَّ البولَ والغائطَ تُعادُ منهما الصلاةُ ويُغسَلُ قليلُهما وكثيرُهما. قال: والدمُ إذا فحُش تُعادُ منه الصلاةُ في الوقتِ وغيرِه، كما يُعادُ من قليلِ البولِ والعَذِرة.

قال أبو عُمر: قد أجمَع العلماءُ على التجاوزِ والعفوِ عن دم البراغيثِ ما لم يتفاحَشْ، وهذا أصل في هذا الباب، وهذا الحديثُ أصلٌ في غَسلِ النجاساتِ من الثِّياب، ولا أعلمُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَسلِ النجاساتِ أبينَ من هذا الحديث، وعليه اعتمَد الفقهاءُ في غَسلِ النجاساتِ وجعَلوه أصلَ هذا الباب، إلّا أنهم اختلَفوا في وجوبِ غَسلِ النجاساتِ كالدِّماءِ والعَذِراتِ والأبوالِ وسائرِ النجاساتِ المعروفاتِ من الثياب والأبدان؛ فقال منهم قائلون: غَسلُها فَرضٌ واجبٌ ولا تُجزِئُ صلاةُ مَن صلَّى بثوبٍ نجِس، عالمًا كان بذلك أو ساهيًا عنه. واحتجُّوا بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]. وظاهرُه تطهيرُ الثيابِ


(١) في سننه (١١١)، وإسناده صحيح. معاوية بن عمرو: هو ابن المهلّب بن عمرو الأزدي، وسفيان: هو ابن عيينة.
(٢) والدم العبيط: الذي لا خلط فيه، الطّريّ. قاله ابن فارس في مجمل اللغة ١/ ٦٤٤.
(٣) في سننه (١١٤) وإسناده صحيح. موسى بن إسماعيل: هو المنقريُّ، أبو سلمة التَّبوذكيّ، وحمّاد: هو ابن زيد أو ابن سلمة، وحميد: هو الطويل.
(٤) لم نقف عليه في المطبوع من سننه، وهذا المعنى نقله عن الإمام أحمد ابنه أبو الفضل صالح في مسائل الإمام أحمد روايته له ٣/ ٢٣٦ (١٧٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>