للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا واللهُ أعلم عذابٌ غيرُ الفتنةِ والابتلاءِ الذي يَعرضُ للمؤمن، وإنما هذا عذابٌ واصبٌ للكفار إلى أن تقومَ الساعة، فيصيرون إلى النار، ألا ترَى إلى قولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥ - ٤٦]. وجائز أن يكونَ عذابُ القبر غيرَ فتنةِ القبر. وقد ثبَت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستعيذُ من فتنةِ القبر، وعذابِ القبر، وعذابِ النار، في حديثٍ واحدٍ، وذلك دليلٌ على أن عذابَ القبر غيرُ فتنة القبرِ واللهُ أعلم؛ لأنَّ الفتنةَ قد تكونُ فيها النجاةُ، وقد يُعذَّبُ الكافرُ في قبرِه على كُفرِه دونَ أن يُسألَ. واللهُ أعلم.

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ أسد، قال: حدَّثنا حمزةُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ شعيب، قال (١): أخبرنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ المبارك، قال: حدَّثنا أبو أسامة، قال: حدَّثنا هشامُ بنُ عُروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يدعُو بهؤلاء الكلمات: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من فتنةِ النار وعذابِ النار، وفتنةِ القبر وعذابِ القبر، وشرِّ فتنةِ المسيح الدجال، ومن شرِّ فتنةِ الفقر، ومن شرِّ فتنةِ الغنى، اللهمَّ اغسِلْ خطايايَ بماءِ الثلج والبرَد، وأنقِ قلبي من الخطايا كما أنقيتَ الثوبَ الأبيضَ من الدَّنَس، وباعدْ بيني وبينَ خطايايَ كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغرب، اللهمَّ أني أعوذُ بك من الكسلِ والهَرم والمأْثم والمغرم".

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمد، قال: حدَّثنا حمزةُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ شعيب، قال (٢): أخبرنا إسحاقُ بنُ إبراهيم، قال (٣): أخبرنا جريرٌ، عن هشام بنِ


(١) في المجتبى (٥٤٦٦)، وفي الكبرى ٧/ ٢١٦ (٧٨٥٠).
وأخرجه أحمد في المسند ٤٠/ ٣٤٥ (٢٤٣٠١)، والبخاري (٦٣٦٨) و (٦٣٧٦) و (٦٣٧٧)، ومسلم (٥٨٩) بإثر (٢٧٠٥) من طريق هشام بن عروة، به.
(٢) في المجتبى (٥٤٧٧)، وفي الكبرى ٧/ ٢١٩ (٧٨٥٩).
(٣) وهو ابن راهوية، في مسنده (٧٨٩)، ورجال إسناده ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>