للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال مالك: يَرْمِي بقلائدِه في دَمِه إذا نحَره، ويُخلِّي بينَ الناسِ وبينَه، ولا يأمرُ أحدًا أن يأكُلَ منه فقيرًا ولا غنيًّا، فإن أكَل هو، أو أمَر أحدًا من الناسِ بأكلِه، أو حزَّ شيئًا من لحمِه، كان عليه البَدَل.

قال ابنُ القاسم (١): وقال مالك: كلُّ هَدْي مَضْمون إذا عَطِب فليأكُلْ منه صاحبُه، ولْيُطعِمْ منه الأغنياءَ والفقراءَ ومَن أحبَّ، ولا يبعْ من لحمِه، ولا من جلدِه، ولا من قلائدِه شيئًا.

قال مالكٌ: ومن الهَدْي المَضْمونِ ما إن عَطِبَ قبلَ أن يبلُغَ مَحِلَّه جاز له أن يأكُلَ منه، وهو إن بلَغ مَحِلَّه لم يأكُلْ منه؟ وهو جزاءُ الصيد، وفديةُ الأذى، ونذْرُ المساكين، فهذا إن عَطِبَ قبلَ مَحِلِّهِ جاز له أن يأكُلَ منه؛ لأنَّ عليه بدَلَه، وإذا بلَغ مَحِلَّه أجزَأه عن الذي ساقَه، ولا يجزئُه إن أكَل منه.

قال إسماعيلُ بنُ إسحاق: لأنَّ الهدْيَ المضمونَ إذا عطِب قبلَ أن يبلُغَ مَحِلَّه كان عليه بَدَلُه، وبذلك جاز له أن يأكُلَ منه ويُطعِمَ، وإذا عطِب الهديُ التطوعُ قبلَ أن يبلُغَ مَحِلَّه لم يجُزْ له أن يأكلَ منه ولا يُطعم؛ لأنه لما لم يكنْ عليه بدلُه خيفَ أن يفعلَ ذلك بالهدي، ويُنحرَ من غيرِ أن يعطَبَ، فاحْتيط على الناس، وبذلك مضَى العملُ في هدي التطوُّع؛ إذا عطِب في الطريقِ نحَره صاحبُه وخلَّى بينَه وبينَ الناس (٢).

وذكَر إسماعيل بنُ إسحاقَ حديثَ هشام هذا، عن أبيه، عن ناجية، وحديثَ ابنِ عباسٍ عن ذؤيبٍ الخُزاعيِّ.

قال أبو عُمر: أما حديثُ ناجيةَ فقد تقدَّم ذكرُه، وأما حديثُ ابنِ عباسٍ فاختُلِف فيه عنه؛ فطائفةٌ روَت عنه ما يدُلُّ على أن ناجيةَ الأسلميَّ حدَّثه، وطائفةٌ


(١) في المدوّنة ٢٢/ ٢٦٦.
(٢) ونقل نحو هذا عن مالك بن القاسم كما في المدوّنة ١/ ٤١٠ - ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>