للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: سافرتُ مع ابنِ عباسٍ من المدينةِ إلى الشام، فسألتُه: أكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أوصى؟ فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا مرِض مرضَه الذي ماتَ فيه. فذكَر حديثًا طويلًا، وفيه قال: "ليُصَلِّ للناسِ أبو بكر". فتقدَّم أبو بكرٍ فصلَّى بالناس، ورأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نفسِه خِفَّةً، فخرَج يُهادَى بينَ رجُلَين، فلمّا أحسَّ به الناسُ سبَّحُوا، فذهب أبو بكرٍ يتأخَّرُ، فأشارَ إليه بيدِه: مكانَك، فاستفتَح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من حيثُ انتهَى أبو بكرٍ من القراءةِ وأبو بكر قائم، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ، فائتمَّ أبو بكرٍ برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وائتمَّ الناسُ بأبي بكر. فهذا حديثٌ صحيحٌ عن ابن عباس، يعضدُ ما رواه عُروةُ وغيرُه، عن عائشة، ولو انفرَد لكان فيه كفاية وغنًى عن غيره، والحمدُ لله (١).

وأرقمُ بنُ شرَحْبيل هو أخو هُزَيل بنِ شُرَحْبيل، وأخو عَمْرِو بنِ شرَحْبيل أبي مَيْسَرة، ثقةٌ جليل. ذكَر العُقيليُّ، عن محمدِ بنِ إسماعيلَ الصائغ، عن الحسنِ بنِ عليٍّ الحُلْوانيِّ، عن أبي أسامة (٢)، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: كان أرقمُ بنُ شُرحبيل أخو أبي ميسرةَ من أشرافِ الناسِ وخيارِهم (٣).

قال العقيليُّ: وحدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيل، قال: أخبرنا الفضلُ بنُ زيادٍ الواسطيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ زكريا بنِ أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق،


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى ٣/ ٨١ (٥٢٨١)، وفي دلائل النُّبوّة ٧/ ٢٢٦ - ٢٢٧ من طريق عبد الله بن رجاء، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٥/ ٣٥٨ (٣٣٥٦)، وابن ماجة (١٢٣٥) من طريقين عن إسرائيل، به.
ورجال إسناده ثقات غير أن أبا إسحاق: وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي مشهور بالتدليس، ولم يصرِّح بالتحديث عن شيخه أرقم بن شرحبيل، وقال البخاري في تاريخه الكبير ٢/ ٤٦ في ترجمة أرقم بن شرحبيل (١٦٣٧): "ولم يذكر أبو إسحاق سماعًا منه"، ولكن صحّ الحديث عن غير واحد من الصحابة كما سلف أثناء هذا الشرح، وكما سيذكر المصنِّف قريبًا.
(٢) هو حمّاد بن أسامة.
(٣) ينظر: تهذيب الكمال والتعليق عليه ٢/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>